(
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا تفسيرها ( 58 ) )
يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها ، وفي حديث
الحسن ، عن
سمرة ، أن رسول الله
[ ص: 339 ] صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500920أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك " . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأهل السنن وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان ، من حقوق الله ، عز وجل ، على عباده ، من الصلوات والزكوات ، والكفارات والنذور والصيام ، وغير ذلك ، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد ، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك . فأمر الله ، عز وجل ، بأدائها ، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة ، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500921لتؤدن الحقوق إلى أهلها ، حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء " .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
محمد بن إسماعيل الأحمسي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
سفيان ، عن
عبد الله بن السائب ، عن
زاذان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة ، يؤتى بالرجل يوم القيامة - وإن كان قد قتل في سبيل الله - فيقال : أد أمانتك . فيقول وأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا ؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم ، فيهوي إليها فيحملها على عاتقه . قال : فتنزل عن عاتقه ، فيهوي على أثرها أبد الآبدين . قال زاذان : فأتيت البراء فحدثته فقال : صدق أخي : (
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) .
وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن رجل ، عن
ابن عباس قوله : (
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال : هي مبهمة للبر والفاجر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية : هي مسجلة للبر والفاجر . وقال
أبو العالية : الأمانة ما أمروا به ونهوا عنه .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
الأعمش ، عن
أبي الضحى ، عن
مسروق قال : قال
أبي بن كعب : من الأمانة أن المرأة ائتمنت على فرجها .
وقال
الربيع بن أنس : هي من الأمانات فيما بينك وبين الناس .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال :
[ ص: 340 ] قال : يدخل فيه وعظ السلطان النساء . يعني يوم العيد . وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن
nindex.php?page=showalam&ids=5546عثمان بن طلحة بن أبي طلحة - واسم أبي طلحة عبد الله - بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب القرشي العبدري ، حاجب الكعبة المعظمة ، وهو ابن عم
nindex.php?page=showalam&ids=4137شيبة بن عثمان بن أبي طلحة ، الذي صارت الحجابة في نسله إلى اليوم ، أسلم
عثمان هذا في الهدنة بين صلح
الحديبية وفتح
مكة ، هو
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، وأما عمه
عثمان بن أبي طلحة ، فكان معه لواء المشركين يوم
أحد ، وقتل يومئذ كافرا . وإنما نبهنا على هذا النسب ; لأن كثيرا من المفسرين قد يشتبه عليهم هذا بهذا ، وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح
الكعبة يوم الفتح ، ثم رده عليه .
وقال
محمد بن إسحاق في غزوة الفتح : حدثني
محمد بن جعفر بن الزبير ، عن
عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=824936عن nindex.php?page=showalam&ids=10941صفية بنت شيبة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بمكة واطمأن الناس ، خرج حتى جاء البيت ، فطاف به سبعا على راحلته ، يستلم الركن بمحجن في يده ، فلما قضى طوافه ، دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، ففتحت له ، فدخلها ، فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده ثم طرحها ، ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف له الناس في المسجد .
nindex.php?page=hadith&LINKID=824937قال ابن إسحاق : فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى ، فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج " . وذكر بقية الحديث في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ، إلى أن قال : ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فقام إليه nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال : يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، صلى الله عليك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين عثمان بن طلحة ؟ " فدعي له ، فقال له : " هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم وفاء وبر " .
قال
ابن جرير : حدثني
القاسم حدثنا
الحسين ، عن
حجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج [ قوله : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ] قال : نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة ، فدخل به البيت يوم الفتح ، فخرج وهو يتلو هذه فدعا عثمان إليه ، فدفع إليه المفتاح ، قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكعبة ، وهو يتلو هذه الآية : فداه أبي وأمي ، ما سمعته يتلوها قبل ذلك .
حدثنا
القاسم ، حدثنا
الحسين ، حدثنا
الزنجي بن خالد ، عن
الزهري قال : دفعه إليه وقال : أعينوه .
وروى
ابن مردويه ، من طريق
الكلبي ، عن
أبي صالح عن
ابن عباس في قول الله عز وجل : (
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) قال :
لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن طلحة [ ص: 341 ] بن أبي طلحة ، فلما أتاه قال : " أرني المفتاح " . فأتاه به ، فلما بسط يده إليه قام العباس فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، اجمعه لي مع السقاية . فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرني المفتاح يا عثمان " . فبسط يده يعطيه ، فقال العباس مثل كلمته الأولى ، فكف عثمان يده . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عثمان ، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح " . فقال : هاك بأمانة الله . قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح باب الكعبة ، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما للمشركين قاتلهم الله . وما شأن إبراهيم وشأن القداح " . ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه فيه ، ثم غمس به تلك التماثيل ، وأخرج مقام إبراهيم ، وكان في الكعبة فألزقه في حائط الكعبة ثم قال : " يا أيها الناس ، هذه القبلة " . قال : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت شوطا أو شوطين ثم نزل عليه جبريل ، فيما ذكر لنا برد المفتاح ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) حتى فرغ من الآية .
وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك ، وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا فحكمها عام ; ولهذا قال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد بن الحنفية : هي للبر والفاجر ، أي : هي أمر لكل أحد .
وقوله : (
وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس ; ولهذا قال
محمد بن كعب وزيد بن أسلم nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب : إنما نزلت في الأمراء ، يعني الحكام بين الناس .
وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821185إن الله مع الحاكم ما لم يجر ، فإذا جار وكله إلى نفسه " وفي الأثر : عدل يوم كعبادة أربعين سنة .
وقوله : (
إن الله نعما يعظكم به ) أي : يأمركم به من أداء الأمانات ، والحكم بالعدل بين الناس ، وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة .
وقوله : (
إن الله كان سميعا بصيرا ) أي : سميعا لأقوالكم ، بصيرا بأفعالكم ، كما قال
ابن أبي حاتم :
حدثنا
أبو زرعة ، حدثنا
يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16457عبد الله بن لهيعة ، عن
يزيد بن أبي حبيب ، عن
أبي الخير ، عن
عقبة بن عامر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500924رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرئ هذه الآية ( سميعا بصيرا ) يقول : بكل شيء بصير .
وقد قال
ابن أبي حاتم : أخبرنا
يحيى بن عبدك القزويني ، أنبأنا
المقرئ - يعني أبا عبد الرحمن - [ ص: 342 ] عبد الله بن يزيد ، حدثنا
حرملة - يعني ابن عمران - التجيبي المصري - حدثنا
أبو يونس ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500925سمعت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقرأ هذه الآية : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) إلى قوله : ( إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ) ويضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه ويقول : هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع أصبعيه . قال
أبو زكريا : وصفه لنا
المقري ، ووضع
أبو زكريا إبهامه اليمنى على عينه اليمنى ، والتي تليها على الأذن اليمنى ، وأرانا فقال : هكذا وهكذا .
رواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في مستدركه ،
وابن مردويه في تفسيره ، من حديث
أبي عبد الرحمن المقري بإسناده - نحوه
nindex.php?page=showalam&ids=12203وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة ، واسمه
سليم بن جبير .