(
فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ( 62 ) )
ثم قال تعالى في ذم المنافقين : (
فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ) أي : فكيف بهم إذا ساقتهم المقادير إليك في مصائب تطرقهم بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك ،
[ ص: 347 ] (
ثم جاؤوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ) أي : يعتذرون إليك ويحلفون : ما أردنا بذهابنا إلى غيرك ، وتحاكمنا إلى عداك إلا الإحسان والتوفيق ، أي : المداراة والمصانعة ، لا اعتقادا منا صحة تلك الحكومة ، كما أخبرنا تعالى عنهم في قوله : (
فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى [ أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ] فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ) [ المائدة : 52 ] .
وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : حدثنا
أبو زيد أحمد بن يزيد الحوطي ، حدثنا
أبو اليمان ، حدثنا
صفوان بن عمر ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس . قال : كان
أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين
اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل الله عز وجل : (
ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك [ يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ] ) إلى قوله : (
إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا )
ثم قال تعالى : (
أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم ) [ أي ] هذا الضرب من الناس هم المنافقون ، والله يعلم ما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك ، فإنه لا تخفى عليه خافية ، فاكتف به يا
محمد فيهم ، فإن الله عالم بظواهرهم وبواطنهم ; ولهذا قال له : (
فأعرض عنهم ) أي : لا تعنفهم على ما في قلوبهم (
وعظهم ) أي : وانههم على ما في قلوبهم من النفاق وسرائر الشر (
وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) أي : وانصحهم فيما بينك وبينهم بكلام بليغ رادع لهم .