فصل
واختلفوا في معنى السورة : مم هي مشتقة ؟ فقيل : من الإبانة والارتفاع . قال النابغة :
ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة . وقيل : لشرفها وارتفاعها كسور البلد . وقيل : سميت
[ ص: 100 ] سورة لكونها قطعة من القرآن وجزءا منه ، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية ، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزا ، وإنما خففت فأبدلت الهمزة واوا لانضمام ما قبلها . وقيل : لتمامها وكمالها لأن
العرب يسمون الناقة التامة سورة .
قلت : ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما سمي سور البلد لإحاطته بمنازله ودوره ، والله أعلم .
وجمع السورة سور بفتح الواو ، وقد تجمع على سورات وسورات .
وأما الآية فمن العلامة على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصاله ، أي : هي بائنة من أختها . قال الله تعالى : (
إن آية ملكه ) [ البقرة : 248 ] ، وقال النابغة :
توهمت آيات لها فعرفتها لستة أعوام وذا العام سابع
وقيل : لأنها جماعة حروف من القرآن وطائفة منه ، كما يقال : خرج القوم بآيتهم ، أي : بجماعتهم . قال الشاعر
خرجنا من النقبين لا حي مثلنا بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا
وقيل : سميت آية لأنها عجب يعجز البشر عن التكلم بمثلها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : وأصلها أيية مثل أكمة وشجرة ، تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا فصارت آية ، بهمزة بعدها مدة . وقال
الكسائي : آيية على وزن آمنة ، فقلبت ألفا ، ثم حذفت لالتباسها .
وقال
الفراء : أصلها أية - بتشديد الياء - فقلبت الأولى ألفا ، كراهية التشديد فصارت آية ، وجمعها : آي وآياي وآيات .
وأما الكلمة فهي اللفظ الواحد ، وقد تكون على حرفين مثل : ما ولا وله ولك ، وقد يكون أكثر .
وأكثر ما يكون عشرة أحرف : (
ليستخلفنهم ) [ النور : 55 ] ، و
أنلزمكموها ) [ هود : 28 ] ، (
فأسقيناكموه ) [ الحجر : 22 ] ، وقد تكون الكلمة آية ، مثل : والفجر ، والضحى ، والعصر ، وكذلك : " الم " ، و " طه " ، و " يس " ، و " حم " - في قول
الكوفيين - و (
" حم عسق " ) عندهم كلمتان . وغيرهم لا يسمي هذه آيات بل يقول : هي فواتح السور . وقال
أبو عمرو الداني : لا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله : (
مدهامتان ) في سورة الرحمن [ الرحمن : 64 ] .