(
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ( 172 )
فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ( 173 ) )
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
إبراهيم بن موسى ، حدثنا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء ، عن
ابن عباس قوله : (
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ) لن يستكبر .
وقال
قتادة : لن يحتشم (
المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ) وقد استدل بعض من ذهب إلى
تفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية حيث قال : (
ولا الملائكة المقربون ) وليس له في ذلك دلالة ; لأنه إنما عطف الملائكة على المسيح ; لأن الاستنكاف هو الامتناع ، والملائكة أقدر على ذلك من
المسيح ; فلهذا قال : (
ولا الملائكة المقربون ) ولا يلزم من كونهم أقوى وأقدر على الامتناع أن يكونوا أفضل .
وقيل : إنما ذكروا ; لأنهم اتخذوا آلهة مع الله ، كما اتخذ
المسيح ، فأخبر تعالى أنهم عبيد من عبيده وخلق من خلقه ، كما قال الله تعالى : (
وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون [ لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون . يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون . ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ] ) الأنبياء : [ 26 - 29 ] .
ثم قال : (
ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ) أي : فيجمعهم إليه يوم القيامة ، ويفصل بينهم بحكمه العدل ، الذي لا يجور فيه ولا يحيف ; ولهذا قال : (
فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ) يعني : فيعطيهم من الثواب على قدر أعمالهم الصالحة ويزيدهم على ذلك من فضله وإحسانه وسعة رحمته وامتنانه .
وقد روى
ابن مردويه من طريق
بقية ، عن
إسماعيل بن عبد الله الكندي ، عن
الأعمش ، عن
سفيان عن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله ) قال :
[ ص: 482 ] أجورهم : أدخلهم الجنة " . (
ويزيدهم من فضله ) قال : " الشفاعة فيمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في دنياهم " .
وهذا إسناد لا يثبت ، وإذا روي عن
ابن مسعود موقوفا فهو جيد .
(
وأما الذين استنكفوا واستكبروا ) أي : امتنعوا من طاعة الله وعبادته واستكبروا عن ذلك (
فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) كما قال تعالى (
إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) [ غافر : 60 ] أي : صاغرين حقيرين ذليلين ، كما كانوا ممتنعين مستكبرين .