(
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ( 45 ) )
وهذا أيضا مما وبخت به
اليهود وقرعوا عليه ، فإن عندهم في نص التوراة : أن النفس بالنفس . وهم يخالفون ذلك عمدا وعنادا ، ويقيدون
النضري من
القرظي ، ولا يقيدون
القرظي من
النضري ، بل يعدلون إلى الدية ، كما خالفوا حكم التوراة المنصوص عندهم في رجم الزاني المحصن ، وعدلوا إلى ما اصطلحوا عليه من الجلد والتحميم والإشهار ; ولهذا قال هناك : (
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) لأنهم جحدوا حكم الله قصدا منهم وعنادا وعمدا ، وقال هاهنا : (
فأولئك هم الظالمون ) لأنهم لم ينصفوا المظلوم من الظالم في الأمر الذي أمر الله بالعدل والتسوية بين الجميع فيه ، فخالفوا وظلموا ، وتعدى بعضهم على بعض .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم حدثنا
ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن
أبي علي [ ص: 121 ] بن يزيد - أخي
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد - عن
الزهري عن
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها : (
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) نصب النفس ورفع العين .
وكذا رواه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في مستدركه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك وقال
الترمذي : حسن غريب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : تفرد
ابن المبارك بهذا الحديث .
وقد استدل كثير ممن ذهب من الأصوليين والفقهاء إلى أن
شرع من قبلنا شرع لنا ، إذا حكي مقررا ولم ينسخ ، كما هو المشهور عن الجمهور ، وكما حكاه
الشيخ أبو إسحاق الاسفراييني عن نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأكثر الأصحاب بهذه الآية ، حيث كان الحكم عندنا على وفقها في الجنايات عند جميع الأئمة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : هي عليهم وعلى الناس عامة . رواه
ابن أبي حاتم .
وقد حكى
الشيخ أبو زكريا النووي في هذه المسألة ثلاثة أوجه ثالثها : أن شرع
إبراهيم حجة دون غيره ، وصحح منها عدم الحجية ، ونقلها الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11812أبو إسحاق الاسفراييني أقوالا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ورجح أنه حجة عند الجمهور من أصحابنا ، فالله أعلم .
وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=12785الإمام أبو نصر بن الصباغ رحمه الله ، في كتابه " الشامل " إجماع العلماء على الاحتجاج بهذه الآية على ما دلت عليه ، وقد احتج الأئمة كلهم على أن الرجل يقتل بالمرأة بعموم هذه الآية الكريمة ، وكذا ورد في الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي وغيره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في كتاب
عمرو بن حزم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=823690أن الرجل يقتل بالمرأة " وفي الحديث الآخر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820415المسلمون تتكافأ دماؤهم " وهذا قول جمهور العلماء .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن
الرجل إذا قتل المرأة لا يقتل بها ، إلا أن يدفع وليها إلى أوليائه نصف الدية ; لأن ديتها على النصف من دية الرجل ، وإليه ذهب
أحمد في روايته [ عنه ] وحكي [ هذا ] عن
الحسن [ البصري ]
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي ورواية عن
أحمد [ به ] أن الرجل إذا قتل المرأة لا يقتل بها ، بل تجب ديتها .
وهكذا احتج
أبو حنيفة رحمه الله تعالى ، بعموم هذه الآية على أنه يقتل المسلم بالكافر الذمي ، وعلى قتل الحر بالعبد ، وقد خالفه الجمهور فيهما ، ففي الصحيحين عن أمير المؤمنين
علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820414 " لا يقتل مسلم بكافر " وأما العبد فعن السلف في آثار
[ ص: 122 ] متعددة : أنهم لم يكونوا يقيدون العبد من الحر ، ولا يقتلون حرا بعبد ، وجاء في ذلك أحاديث لا تصح ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الإجماع على خلاف قول
الحنفية في ذلك ، ولكن لا يلزم من ذلك بطلان قولهم إلا بدليل مخصص للآية الكريمة .
ويؤيد ما قاله
ابن الصباغ من الاحتجاج بهذه الآية الكريمة الحديث الثابت في ذلك ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
محمد بن أبي عدي حدثنا
حميد عن
أنس بن مالك :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823691أن الربيع عمة أنس كسرت ثنية جارية ، فطلبوا إلى القوم العفو ، فأبوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " القصاص " . فقال أخوها أنس بن النضر : يا رسول الله ، تكسر ثنية فلانة ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنس ، كتاب الله القصاص " . قال : فقال : لا والذي بعثك بالحق ، لا تكسر ثنية فلانة . قال : فرضي القوم ، فعفوا وتركوا القصاص ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " .
أخرجاه في الصحيحين وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13748محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري في الجزء المشهور من حديثه ، عن
حميد nindex.php?page=hadith&LINKID=824490عن أنس بن مالك أن الربيع بنت النضر عمته لطمت جارية فكسرت ثنيتها فعرضوا عليهم الأرش ، فأبوا فطلبوا الأرش والعفو فأبوا ، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم بالقصاص ، فجاء أخوها أنس بن النضر فقال : يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع ؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أنس ، كتاب الله القصاص " . فعفا القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن الأنصاري . فأما الحديث الذي رواه
أبو داود :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام حدثنا أبي ، عن
قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
عمران بن حصين nindex.php?page=hadith&LINKID=823692أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء ، فأتى أهله النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، إنا أناس فقراء ، فلم يجعل عليه شيئا . وكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
إسحاق ابن راهويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه عن
قتادة به ، وهذا إسناد قوي رجاله كلهم ثقات فإنه حديث مشكل ، اللهم إلا أن يقال : إن الجاني كان قبل البلوغ ، فلا قصاص عليه ، ولعله تحمل أرش ما نقص من غلام الأغنياء عن الفقراء ، أو استعفاهم عنه .
وقوله تعالى : (
والجروح قصاص ) قال
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس قال : تقتل النفس بالنفس ، وتفقأ العين بالعين ، ويقطع الأنف بالأنف ، وتنزع السن بالسن ، وتقتص الجراح بالجراح .
فهذا يستوي فيه أحرار المسلمين [ به ] فيما بينهم ، رجالهم ونساؤهم ، إذا كان عمدا في النفس وما دون النفس ، ويستوي فيه العبيد رجالهم ونساؤهم فيما بينهم إذا كان عمدا ، في النفس وما دون النفس ، رواه
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم .