(
قل ياأهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين ( 68 )
إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 69 ) )
يقول تعالى : قل يا محمد : (
يا أهل الكتاب لستم على شيء ) أي : من الدين (
حتى تقيموا التوراة والإنجيل ) أي : حتى تؤمنوا بجميع ما بأيديكم من الكتب المنزلة من الله على الأنبياء ، وتعملوا بما فيها ومما فيها الأمر باتباع
محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بمبعثه ، والاقتداء بشريعته ; ولهذا قال
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد في قوله : (
وما أنزل إليكم من ربكم ) يعني : القرآن العظيم .
وقوله : (
وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا ) تقدم تفسيره (
فلا تأس على القوم الكافرين )
[ ص: 156 ] أي : فلا تحزن عليهم ولا يهيدنك ذلك منهم .
ثم قال : (
إن الذين آمنوا ) وهم : المسلمون (
والذين هادوا ) وهم : حملة التوراة (
والصابئون ) - لما طال الفصل حسن العطف بالرفع . والصابئون : طائفة بين
النصارى والمجوس ليس لهم دين . قاله
مجاهد وعنه : بين
اليهود والمجوس . وقال
سعيد بن جبير : بين
اليهود والنصارى وعن
الحسن [
والحكم ] إنهم
كالمجوس . وقال
قتادة : هم قوم يعبدون الملائكة ، ويصلون إلى غير القبلة ، ويقرءون الزبور . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : هم قوم يعرفون الله وحده ، وليست لهم شريعة يعملون بها ، ولم يحدثوا كفرا .
وقال
ابن وهب : أخبرني
ابن أبي الزناد عن أبيه قال : الصابئون : قوم مما يلي
العراق وهم
بكوثى وهم يؤمنون بالنبيين كلهم ، ويصومون كل سنة ثلاثين يوما ، ويصلون إلى
اليمن كل يوم خمس صلوات . وقيل غير ذلك .
وأما
النصارى فمعروفون ، وهم حملة الإنجيل .
والمقصود : أن كل فرقة آمنت بالله وباليوم الآخر ، وهو المعاد والجزاء يوم الدين ، وعملت عملا صالحا ، ولا يكون ذلك كذلك حتى يكون موافقا للشريعة المحمدية بعد إرسال صاحبها المبعوث إلى جميع الثقلين فمن اتصف بذلك (
فلا خوف عليهم ) فيما يستقبلونه ولا على ما تركوا وراء ظهورهم (
ولا هم يحزنون ) وقد تقدم الكلام على نظيراتها في سورة البقرة ، بما أغنى عن إعادته .