(
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ( 125 ) ) .
يقول تعالى : (
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) أي : ييسره له وينشطه ويسهله لذلك ، فهذه علامة على الخير ، كقوله تعالى : (
أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين ) [ الزمر : 22 ] ، وقال تعالى : (
ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ) [ الحجرات : 7 ] .
قال
ابن عباس : (
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) يقول : يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به وكذا قال
أبو مالك ، وغير واحد . وهو ظاهر .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
الثوري ، عن
عمرو بن قيس ، عن
عمرو بن مرة ، عن
أبي جعفر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821275سئل النبي صلى الله عليه وسلم : أي المؤمنين أكيس؟ قال : " أكثرهم ذكرا للموت ، وأكثرهم لما بعده استعدادا " قال :
[ ص: 335 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=825141وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) وقالوا : كيف يشرح صدره يا رسول الله؟ قال : " نور يقذف فيه ، فينشرح له وينفسح " قالوا : فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت
وقال
ابن جرير : حدثنا
هناد ، حدثنا
قبيصة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان - يعني الثوري - عن
عمرو بن مرة ، عن رجل يكنى
أبا جعفر كان يسكن
المدائن ، قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : (
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) فذكر نحو ما تقدم .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
ابن إدريس ، عن
الحسن بن الفرات القزاز ، عن
عمرو بن مرة ، عن
أبي جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825142إذا دخل الإيمان القلب انفسح له القلب وانشرح قالوا : يا رسول الله ، هل لذلك من أمارة؟ قال : " نعم ، الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت "
وقد رواه
ابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16069سوار بن عبد الله العنبري ، حدثنا
المعتمر بن سليمان ، سمعت أبي يحدث عن
عبد الله بن مرة ، عن
أبي جعفر فذكره .
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أبو سعيد الأشج ، حدثنا
أبو خالد الأحمر ، عن
عمرو بن قيس ، عن
عمرو بن مرة ، عن
عبد الله بن المسور قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825143تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قالوا : يا رسول الله ، ما هذا الشرح؟ قال : " نور يقذف به في القلب " قالوا : يا رسول الله ، فهل لذلك من أمارة ؟ قال " نعم " قالوا : وما هي؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتجافي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل الموت
وقال
ابن جرير أيضا : حدثني
هلال بن العلاء ، حدثنا
سعيد بن عبد الملك بن واقد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة ، عن
أبي عبد الرحيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة ، عن
عمرو بن مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12077أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825144إذا دخل النور القلب انفسح وانشرح " قالوا : فهل لذلك من علامة يعرف بها؟ قال : " الإنابة إلى دار الخلود ، والتنحي عن دار الغرور ، والاستعداد للموت قبل لقي الموت "
[ ص: 336 ] وقد رواه
ابن جرير من وجه آخر ، عن
ابن مسعود متصلا مرفوعا فقال : حدثني
ابن سنان القزاز ، حدثنا
محبوب بن الحسن الهاشمي ، عن
يونس ، عن
عبد الرحمن بن عبيد الله بن عتبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825145 ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) قالوا : يا رسول الله ، وكيف يشرح صدره؟ قال : " يدخل الجنة فينفسح " قالوا : وهل لذلك علامة يا رسول الله؟ قال : " التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموت
فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة ، يشد بعضها بعضا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : (
ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ) قرئ بفتح الضاد وتسكين الياء ، والأكثرون : ( ضيقا ) بتشديد الياء وكسرها ، وهما لغتان : كهين وهين . وقرأ بعضهم : " حرجا " بفتح الحاء وكسر الراء ، قيل : بمعنى آثم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . وقيل : بمعنى القراءة الأخرى ) حرجا ) بفتح الحاء والراء ، وهو الذي لا يتسع لشيء من الهدى ، ولا يخلص إليه شيء ما ينفعه من الإيمان ولا ينفذ فيه .
وقد سأل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، رجلا من الأعراب من أهل البادية من
مدلج : ما الحرجة؟ قال هي الشجرة تكون بين الأشجار لا تصل إليها راعية ، ولا وحشية ، ولا شيء . فقال
عمر ، رضي الله عنه : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير .
وقال
العوفي عن
ابن عباس : يجعل الله عليه الإسلام ضيقا ، والإسلام واسع . وذلك حين يقول : (
وما جعل عليكم في الدين من حرج ) [ الحج : 78 ] ، يقول : ما جعل عليكم في الإسلام من ضيق .
وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : (
ضيقا حرجا ) شاكا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : (
ضيقا حرجا ) ليس للخير فيه منفذ . وقال
ابن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج (
ضيقا حرجا ) بلا إله إلا الله ، حتى لا تستطيع أن تدخله ، كأنما يصعد في السماء من شدة ذلك عليه .
وقال
سعيد بن جبير : يجعل صدره (
ضيقا حرجا ) قال : لا يجد فيه مسلكا إلا صعدا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : (
كأنما يصعد في السماء ) من ضيق صدره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني : (
كأنما يصعد في السماء ) يقول : مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد
[ ص: 337 ] في السماء . وقال
الحكم بن أبان عن
عكرمة ، عن
ابن عباس : (
كأنما يصعد في السماء ) يقول : فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء ، فكذلك لا يستطيع أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه ، حتى يدخله الله في قلبه .
وقال
الأوزاعي : (
كأنما يصعد في السماء ) كيف يستطيع من جعل الله صدره ضيقا أن يكون مسلما .
وقال
الإمام أبو جعفر بن جرير : وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصول الإيمان إليه . يقول : فمثله في امتناعه من قبول الإيمان وضيقه عن وصوله إليه ، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه; لأنه ليس في وسعه وطاقته .
وقال في قوله : (
كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون ) يقول : كما يجعل الله صدر من أراد إضلاله ضيقا حرجا ، كذلك يسلط الله الشيطان عليه وعلى أمثاله ممن أبى الإيمان بالله ورسوله ، فيغويه ويصده عن سبيل الله .
قال
ابن أبي طلحة عن
ابن عباس : الرجس : الشيطان . وقال
مجاهد : الرجس : كل ما لا خير فيه . وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : الرجس : العذاب .