(
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ( 172 )
أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ( 173 )
وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ( 174 ) )
يخبر تعالى أنه استخرج ذرية بني
آدم من أصلابهم ، شاهدين على أنفسهم أن الله ربهم ومليكهم ، وأنه لا إله إلا هو . كما أنه تعالى فطرهم على ذلك وجبلهم عليه ، قال تعالى : (
فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) [ الروم : 30 ] وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821418كل مولود يولد على الفطرة - وفي رواية : على هذه الملة - فأبواه يهودانه ، وينصرانه ، ويمجسانه ، كما تولد البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء " وفي صحيح
مسلم ، عن
عياض بن حمار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821351يقول الله [ تعالى ] إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم ، عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم "
وقال
الإمام أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا
ابن وهب ، أخبرني
السري بن يحيى : أن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن حدثهم ، عن
الأسود بن سريع من
بني سعد ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=824527غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع غزوات ، قال : فتناول القوم الذرية بعد ما قتلوا المقاتلة ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاشتد عليه ، ثم قال : " ما بال أقوام يتناولون الذرية ؟ " قال رجل : يا رسول الله ، أليسوا أبناء المشركين ؟ فقال : " إن خياركم أبناء المشركين ! ألا إنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة ، فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها ، فأبواها يهودانها أو ينصرانها " . قال
الحسن : والله لقد قال الله في كتابه : (
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ) الآية
[ ص: 501 ] وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، عن
إسماعيل ابن علية ، عن
يونس بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري به . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه من حديث
هشيم ، عن
يونس بن عبيد ، عن
الحسن قال : حدثنا
الأسود بن سريع ، فذكره ، ولم يذكر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري واستحضاره الآية عند ذلك
وقد وردت أحاديث في أخذ الذرية من صلب
آدم ، عليه السلام ، وتمييزهم إلى أصحاب اليمين و [ إلى ] أصحاب الشمال ، وفي بعضها الاستشهاد عليهم بأن الله ربهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حجاج ، حدثنا
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبي عمران الجوني ، عن
أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=820834يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به ؟ " قال : " فيقول : نعم . فيقول : قد أردت منك أهون من ذلك ، قد أخذت عليك في ظهر آدم ألا تشرك بي شيئا ، فأبيت إلا أن تشرك بي " .
أخرجاه في الصحيحين ، من حديث
شعبة ، به
حديث آخر : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حسين بن محمد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير - يعني ابن حازم - عن
كلثوم بن جابر عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس [ رضي الله عنهما ] عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821419إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم ، عليه السلام ، بنعمان . يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرها بين يديه ، ثم كلمهم قبلا قال : ( ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) إلى قوله : ( المبطلون )
وقد روى هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في كتاب التفسير من سننه ، عن
محمد بن عبد الرحيم - صاعقة - عن
حسين بن محمد المروزي ، به . ورواه
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من حديث
حسين بن محمد به . إلا أن
ابن أبي حاتم جعله موقوفا . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه من حديث
حسين بن محمد وغيره ، عن
جرير بن حازم ، عن
كلثوم بن جبر ، به . وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقد احتج
مسلم بكلثوم بن جبير هكذا قال ، وقد رواه
عبد الوارث ، عن
كلثوم بن جبر عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، فوقفه وكذا رواه
إسماعيل ابن علية nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع ، عن
ربيعة بن كلثوم ، عن
جبير ، عن أبيه ، به . وكذا رواه
عطاء بن السائب ، nindex.php?page=showalam&ids=15683وحبيب بن أبي ثابت ، وعلي بن بذيمة ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قوله ، وكذا رواه
العوفي وعلي بن أبي طلحة عن
ابن [ ص: 502 ] عباس فهذا أكثر وأثبت ، والله أعلم .
وقال
ابن جرير : حدثنا
ابن وكيع ، حدثنا أبي ، عن
أبي هلال ، عن
أبي جمرة الضبعي ، عن
ابن عباس [ رضي الله عنهما ] قال : أخرج الله ذرية
آدم [ عليه السلام ] من ظهره كهيئة الذر ، وهو في آذي من الماء .
وقال أيضا : حدثنا
علي بن سهل ، حدثنا
ضمرة بن ربيعة ، حدثنا
أبو مسعود عن
جوبير قال : مات ابن
nindex.php?page=showalam&ids=14676للضحاك بن مزاحم ، [ وهو ] ابن ستة أيام . قال : فقال : يا
جابر ، إذا أنت وضعت ابني في لحده ، فأبرز وجهه ، وحل عنه عقده ، فإن ابني مجلس ، ومسئول . ففعلت به الذي أمر ، فلما فرغت قلت : يرحمك الله ، عم يسأل ابنك ؟ من يسأله إياه ؟ قال : يسأل عن الميثاق الذي أقر به في صلب
آدم . قلت : يا
أبا القاسم ، وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب
آدم ؟ قال : حدثني
ابن عباس [ رضي الله عنه ] ; أن الله مسح صلب آدم فاستخرج منه كل نسمة هو خلقها إلى يوم القيامة ، فأخذ منهم الميثاق : أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وتكفل لهم بالأرزاق ، ثم أعادهم في صلبه . فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذ ، فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفى به ، نفعه الميثاق الأول . ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يف به ، لم ينفعه الميثاق الأول . ومن مات صغيرا قبل أن يدرك الميثاق الآخر ، مات على الميثاق الأول على الفطرة
فهذه الطرق كلها مما تقوي وقف هذا على
ابن عباس ، والله أعلم .
حديث آخر : وقال
ابن جرير : حدثنا
عبد الرحمن بن الوليد ، حدثنا
أحمد بن أبي طيبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان بن سعيد ، عن
الأجلح ، عن
الضحاك وعن -
منصور ، عن
مجاهد - عن
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=824528وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) قال : " أخذ من ظهره ، كما يؤخذ بالمشط من الرأس ، فقال لهم : ( ألست بربكم قالوا بلى ) قالت الملائكة ( شهدنا أن يقولوا ) يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أحمد بن أبي طيبة هذا هو :
أبو محمد الجرجاني قاضي
قومس ، كان أحد الزهاد ، أخرج له
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : حدث بأحاديث أكثرها غرائب .
وقد روى هذا الحديث
عبد الرحمن بن مهدي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
منصور ، عن
مجاهد ، [ ص: 503 ] عن
عبد الله بن عمرو ، قوله ، وكذا رواه
جرير ، عن
منصور ، به . وهذا أصح والله أعلم .
حديث آخر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح - هو ابن عبادة - حدثنا
مالك ، وحدثنا
إسحاق ، أخبرنا
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16313عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، أخبره ، عن
مسلم بن يسار الجهني : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية : (
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) الآية ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سئل عنها ، فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821420إن الله خلق آدم ، عليه السلام ، ثم مسح ظهره بيمينه ، فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للجنة ، وبعمل أهل الجنة يعملون . ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية ، قال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون " . فقال رجل : يا رسول الله ، ففيم العمل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خلق الله العبد للجنة ، استعمله بأعمال أهل الجنة ، حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة ، فيدخله به الجنة . وإذا خلق العبد للنار ، استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار ، فيدخله به النار " .
وهكذا رواه
أبو داود عن
القعنبي -
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن
قتيبة -
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
إسحاق بن موسى ، عن
معن .
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، عن
ابن وهب .
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير من حديث
روح بن عبادة وسعيد بن عبد الحميد بن جعفر . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في صحيحه ، من رواية
أبي مصعب الزبيري ، كلهم عن
الإمام مالك بن أنس ، به
قال
الترمذي : وهذا حديث حسن ،
ومسلم بن يسار لم يسمع
عمر . وكذا قاله
أبو حاتم وأبو زرعة . زاد
أبو حاتم : وبينهما
نعيم بن ربيعة .
وهذا الذي قاله
أبو حاتم ، رواه
أبو داود في سننه ، عن
محمد بن مصفى ، عن
بقية ، عن
عمر بن جعثم القرشي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15941زيد بن أبي أنيسة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16313عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن
مسلم بن يسار الجهني ، عن
نعيم بن ربيعة قال : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب [ رضي الله عنه ] وقد سئل عن هذه الآية : (
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) فذكره
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الحافظ الدارقطني : وقد تابع
عمر بن جعثم بن زيد بن سنان أبو فروة الرهاوي ، وقولهما أولى بالصواب من قول
مالك ، والله أعلم
قلت : الظاهر أن
الإمام مالكا إنما أسقط ذكر "
نعيم بن ربيعة " عمدا ; لما جهل حاله ولم يعرفه ،
[ ص: 504 ] فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث ، وكذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم ; ولهذا يرسل كثيرا من المرفوعات ، ويقطع كثيرا من الموصولات ، والله أعلم .
حديث آخر : قال
الترمذي عند تفسيره هذه الآية : حدثنا
عبد بن حميد ، حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة [ رضي الله عنه ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821421لما خلق الله [ عز وجل ] آدم مسح ظهره ، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصا من نور ، ثم عرضهم على آدم ، فقال : أي رب ، من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك . فرأى رجلا منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب ، من هذا ؟ قال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك ، يقال له : داود . قال : رب ، وكم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة . قال : أي رب ، زده من عمري أربعين سنة . فلما انقضى عمر آدم ، جاءه ملك الموت قال : أو لم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أو لم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، وخطئ آدم فخطئت ذريته " .
ثم قال
الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقد روي من غير وجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبي نعيم الفضل بن دكين ، به . وقال : صحيح على شرط
مسلم ولم يخرجاه
ورواه
ابن أبي حاتم في تفسيره ، من حديث
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أنه حدثه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر نحو ما تقدم ، إلى أن قال : "
ثم عرضهم على آدم فقال : يا آدم ، هؤلاء ذريتك . وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى ، وأنواع الأسقام ، فقال آدم : يا رب ، لم فعلت هذا بذريتي ؟ قال : كي تشكر نعمتي . وقال آدم : يا رب ، من هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا ؟ قال : هؤلاء الأنبياء يا آدم من ذريتك " . ثم ذكر قصة
داود ، كنحو ما تقدم
حديث آخر : قال
عبد الرحمن بن قتادة النصري عن أبيه ، عن
هشام بن حكيم ، رضي الله عنه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825186أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أتبدأ الأعمال ، أم قد قضي القضاء ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله قد أخذ ذرية آدم من ظهورهم ، ثم أشهدهم على أنفسهم ، ثم أفاض بهم في كفيه " ثم قال : " هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة ، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار " .
رواه
ابن جرير ، وابن مردويه من طرق عنه
[ ص: 505 ] حديث آخر : روى
جعفر بن الزبير - وهو ضعيف - عن
القاسم ، عن
أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=825187لما خلق الله الخلق ، وقضى القضية ، أخذ أهل اليمين بيمينه وأهل الشمال بشماله ، فقال : يا أصحاب اليمين . فقالوا : لبيك وسعديك . قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى . قال : يا أصحاب الشمال . قالوا : لبيك وسعديك . قال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ثم خلط بينهم ، فقال قائل : يا رب ، لم خلطت بينهم ؟ قال : لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ، أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، ثم ردهم في صلب آدم [ عليه السلام ] . رواه
ابن مردويه
أثر آخر : قال
أبو جعفر الرازي ، عن
الربيع بن أنس ، عن
أبي العالية ، عن
أبي بن كعب [ رضي الله عنه ] في قول الله تعالى (
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم ) الآية والتي بعدها ، قال : فجمعهم له يومئذ جميعا ، ما هو كائن منه إلى يوم القيامة ، فجعلهم أرواحا ثم صورهم ثم استنطقهم فتكلموا ، وأخذ عليهم العهد والميثاق ، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم ؟ قالوا : بلى ، الآية . قال : فإني أشهد عليكم السماوات السبع ، والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم
آدم أن تقولوا يوم القيامة : لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري ، ولا رب غيري ، فلا تشركوا بي شيئا ، وإني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي ، وأنزل عليكم كتبي . قالوا : نشهد أنك ربنا وإلهنا ، لا رب لنا غيرك ، ولا إله لنا غيرك . فأقروا له يومئذ بالطاعة ، ورفع أباهم آدم فنظر إليهم ، فرأى فيهم الغني والفقير ، وحسن الصورة ودون ذلك . فقال : يا رب ، لو سويت بين عبادك ؟ قال : إني أحببت أن أشكر . ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج عليهم النور ، وخصوا بميثاق آخر من الرسالة والنبوة ، فهو الذي يقول تعالى (
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم [ ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ] ) [ الأحزاب : 7 ] وهو الذي يقول : (
فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله [ التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ] ) الآية [ الروم : 30 ] ، ومن ذلك قال : (
هذا نذير من النذر الأولى ) [ النجم : 56 ] ومن ذلك قال : (
وما وجدنا لأكثرهم من عهد [ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ] ) [ الأعراف : 102 ] .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه ، ورواه
ابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن مردويه في تفاسيرهم ، من رواية
ابن جعفر الرازي ، به . وروي عن
مجاهد ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، والحسن ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، وغير واحد من علماء السلف ، سياقات توافق هذه الأحاديث ، اكتفينا بإيرادها عن التطويل في تلك الآثار كلها ، وبالله المستعان .
[ ص: 506 ] فهذه الأحاديث دالة على أن الله ، عز وجل ، استخرج ذرية
آدم من صلبه ، وميز بين أهل الجنة وأهل النار ، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم ، فما هو إلا في حديث
كلثوم بن جبر عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس [ رضي الله عنهما ] وفي حديث
عبد الله بن عمرو [ رضي الله عنهما ] وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان ، كما تقدم . ومن ثم قال قائلون من السلف والخلف : إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد ، كما تقدم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وعياض بن حمار المجاشعي ، ومن رواية
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري عن
الأسود بن سريع . وقد فسر
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري الآية بذلك ، قالوا : ولهذا قال : (
وإذ أخذ ربك من بني آدم ) ولم يقل : " من
آدم " ، (
من ظهورهم ) ولم يقل : " من ظهره " ) ذرياتهم ) أي : جعل نسلهم جيلا بعد جيل ، وقرنا بعد قرن ، كما قال تعالى : (
وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ) [ الأنعام : 165 ] وقال : (
ويجعلكم خلفاء الأرض ) [ النمل : 62 ] وقال : (
كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين ) [ الأنعام : 133 ]
ثم قال : (
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) أي : أوجدهم شاهدين بذلك ، قائلين له حالا وقالا . والشهادة تارة تكون بالقول ، كما قال [ تعالى ] (
قالوا شهدنا على أنفسنا ) [ الأنعام : 130 ] الآية ، وتارة تكون حالا كما قال تعالى : (
ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ) [ التوبة : 17 ] أي : حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون ذلك ، وكذلك قوله تعالى : (
وإنه على ذلك لشهيد ) [ العاديات : 7 ] كما أن السؤال تارة يكون بالقال ، وتارة يكون بالحال ، كما في قوله : (
وآتاكم من كل ما سألتموه ) [ إبراهيم : 34 ] قالوا : ومما يدل على أن المراد بهذا هذا ، أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك ، فلو كان قد وقع هذا كما قاله من قال لكان كل أحد يذكره ، ليكون حجة عليه . فإن قيل : إخبار الرسول به كاف في وجوده ، فالجواب : أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره . وهذا جعل حجة مستقلة عليهم ، فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد ; ولهذا قال : ( أن يقولوا ) أي : لئلا يقولوا يوم القيامة : (
إنا كنا عن هذا ) أي : [ عن ] التوحيد (
غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا ) الآية .