(
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ) ( 45 ) (
وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ( 46 ) )
هذا تعليم الله عباده المؤمنين آداب اللقاء ، وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء ، [ فقال ] (
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا )
ثبت في الصحيحين ، عن
عبد الله بن أبي أوفى ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=821502عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت الشمس قام فيهم فقال : يا أيها الناس ، لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف . ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم .
[ ص: 71 ] وقال
عبد الرزاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
عبد الرحمن بن زياد ، عن
عبد الله بن يزيد ، عن
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821503لا تتمنوا لقاء العدو ، واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله فإن أجلبوا وضجوا فعليكم بالصمت .
وقال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14687أبو القاسم الطبراني : حدثنا
إبراهيم بن هاشم البغوي ، حدثنا
أمية بن بسطام ، حدثنا
معتمر بن سليمان ، حدثنا
ثابت بن زيد ، عن رجل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825424إن الله يحب الصمت عند ثلاث : عند تلاوة القرآن ، وعند الزحف ، وعند الجنازة .
وفي الحديث الآخر المرفوع يقول الله تعالى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500994إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه أي : لا يشغله ذلك الحال عن ذكري ودعائي واستعانتي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة في هذه الآية ، قال : افترض الله ذكره عند أشغل ما تكونون عند الضراب بالسيوف .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان ، حدثنا
ابن المبارك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عطاء قال : وجب الإنصات والذكر عند الزحف ، ثم تلا هذه الآية ، قلت : يجهرون بالذكر ؟ قال : نعم .
وقال أيضا : قرئ على
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، أنبأنا
ابن وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16455عبد الله بن عياش عن
يزيد بن قوذر ، عن
كعب الأحبار قال : ما من شيء أحب إلى الله تعالى من قراءة القرآن والذكر ، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال ، ألا ترون أنه أمر الناس بالذكر عند القتال ، فقال : (
يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون )
قال الشاعر : ذكرتك والخطى يخطر بيننا وقد نهلت فينا المثقفة السمر وقال
عنترة :
ولقد ذكرتك والرماح شواجر فينا وبيض الهند تقطر من دمي
[ ص: 72 ] [
فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
] فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم ، فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا ، وأن يذكروا الله في تلك الحال ولا ينسوه بل يستعينوا به ويتكلوا عليه ، ويسألوه النصر على أعدائهم ، وأن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك . فما أمرهم الله تعالى به ائتمروا ، وما نهاهم عنه انزجروا ، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوا فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم .
(
وتذهب ريحكم ) أي : قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال ، (
واصبروا إن الله مع الصابرين )
وقد كان للصحابة - رضي الله عنهم - في باب الشجاعة والائتمار بأمر الله ، وامتثال ما أرشدهم إليه - ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ، ولا يكون لأحد ممن بعدهم ؛ فإنهم ببركة الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه ، وطاعته فيما أمرهم ، فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة ، مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم ، من
الروم والفرس والترك والصقالبة والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط ، وطوائف بني آدم ، قهروا الجميع حتى علت كلمة الله ، وظهر دينه على سائر الأديان ، وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها ، في أقل من ثلاثين سنة ، فرضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ، وحشرنا في زمرتهم ، إنه كريم وهاب .