(
أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ( 19 )
الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون ( 20 ) )
(
يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم ( 21 )
خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم ( 22 ) )
قال
العوفي في تفسيره ، عن
ابن عباس في تفسير هذه الآية ، قال : إن المشركين قالوا : عمارة بيت الله ، وقيام على السقاية ، خير ممن آمن وجاهد ، وكانوا يفخرون بالحرم ويستكبرون به من أجل أنهم أهله وعماره ، فذكر الله استكبارهم وإعراضهم ، فقال لأهل الحرم من المشركين : (
قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مستكبرين به سامرا تهجرون ) [ المؤمنون : 66 ، 67 ] يعني : أنهم كانوا يستكبرون بالحرم قال : (
به سامرا ) كانوا يسمرون به ، ويهجرون القرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم - فخير الله الإيمان والجهاد مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على عمارة المشركين البيت وقيامهم على السقاية ولم يكن ينفعهم عند الله مع الشرك به إن كانوا يعمرون بيته ويخدمونه .
قال الله : (
لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين ) يعني : الذين زعموا أنهم أهل العمارة ، فسماهم الله " ظالمين " بشركهم ، فلم تغن عنهم العمارة شيئا .
وقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس ، في تفسير هذه الآية ، قال : نزلت في
العباس بن [ ص: 122 ] عبد المطلب حين أسر يوم
بدر قال : لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر
المسجد الحرام ، ونسقي [ الحاج ] ونفك العاني ، قال الله - عز وجل - : (
أجعلتم سقاية الحاج ) إلى قوله : (
والله لا يهدي القوم الظالمين ) يعني أن ذلك كان في الشرك ، ولا أقبل ما كان في الشرك .
وقال
الضحاك بن مزاحم : أقبل المسلمون على
العباس وأصحابه ، الذين أسروا يوم
بدر ، يعيرونهم بالشرك ، فقال
العباس : أما والله لقد كنا نعمر
المسجد الحرام ، ونفك العاني ، ونحجب البيت ، ونسقي الحاج ، فأنزل الله : (
أجعلتم سقاية الحاج [ وعمارة المسجد الحرام ] ) الآية .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
ابن عيينة ، عن
إسماعيل ، عن
الشعبي قال : نزلت في
علي ،
والعباس - رضي الله عنهما - تكلما في ذلك .
وقال
ابن جرير : حدثنا
يونس ، أخبرنا
ابن وهب ، أخبرت عن
أبي صخر قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي يقول : افتخر
طلحة بن شيبة من
بني عبد الدار ،
nindex.php?page=showalam&ids=18وعباس بن عبد المطلب ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ، فقال
طلحة : أنا صاحب البيت ، معي مفتاحه ، ولو أشاء بت فيه . وقال
العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، ولو أشاء بت في المسجد . فقال
علي - رضي الله عنه - : ما أدري ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد ، فأنزل الله - عز وجل - : (
أجعلتم سقاية الحاج ) الآية كلها .
وهكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، إلا أنه قال : افتخر
علي ،
والعباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=4137وشيبة بن عثمان ، وذكر نحوه .
وقال
عبد الرزاق : أخبرنا
معمر ، عن
عمرو ، عن
الحسن قال : نزلت في
علي ،
وعباس وعثمان ،
وشيبة ، تكلموا في ذلك ، فقال
العباس : ما أراني إلا تارك سقايتنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825379أقيموا على سقايتكم ، فإن لكم فيها خيرا .
ورواه
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
الحسن فذكر نحوه .
وقد ورد في تفسير هذه الآية حديث مرفوع ، فلا بد من ذكره هاهنا ، قال
عبد الرزاق :
أخبرنا
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير [ عن رجل ] عن
النعمان بن بشير - رضي الله عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501022أن رجلا قال : ما أبالي ألا أعمل عملا بعد الإسلام ، إلا أن أسقي الحاج . وقال آخر : ما أبالي ألا أعمل بعد الإسلام ، إلا أن أعمر المسجد الحرام . وقال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم . [ ص: 123 ] فزجرهم عمر - رضي الله عنه - وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صلينا الجمعة دخلنا عليه . فنزلت ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ) إلى قوله : ( لا يستوون عند الله )
طريق أخرى : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية بن سلام ، عن جده
أبي سلام الأسود ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير الأنصاري قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501023كنت عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه ، فقال رجل منهم : ما أبالي ألا أعمل لله عملا بعد الإسلام إلا أن أسقي الحاج . وقال آخر : بل عمارة المسجد الحرام . وقال آخر : بل الجهاد في سبيل الله خير مما قلتم . فزجرهم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك يوم الجمعة - ولكن إذا صليت الجمعة دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيته فيما اختلفتم فيه . قال : ففعل ، فأنزل الله - عز وجل - : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ) إلى قوله : ( والله لا يهدي القوم الظالمين )
رواه
مسلم في صحيحه ،
وأبو داود -
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وهذا لفظه -
وابن مردويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم في تفاسيرهم
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه .