(
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ( 32 )
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ( 33 ) )
[ ص: 136 ]
يقول تعالى : يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب (
أن يطفئوا نور الله ) أي : ما بعث به رسوله من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم ، فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس ، أو نور القمر بنفخه ، وهذا لا سبيل إليه ، فكذلك ما أرسل الله به رسوله لا بد أن يتم ويظهر ؛ ولهذا قال تعالى مقابلا لهم فيما راموه وأرادوه : (
ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون )
والكافر : هو الذي يستر الشيء ويغطيه ، ومنه سمي الليل " كافرا " ؛ لأنه يستر الأشياء ، والزارع كافرا ؛ لأنه يغطي الحب في الأرض كما قال : (
أعجب الكفار نباته ) [ الحديد : 20 ] .
ثم قال تعالى : (
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ) فالهدى : هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة ، والإيمان الصحيح ، والعلم النافع . ودين الحق : هي الأعمال [ الصالحة ] الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة .
(
ليظهره على الدين كله ) أي : على سائر الأديان ، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821551إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
محمد بن أبي يعقوب : سمعت
شقيق بن حيان يحدث
nindex.php?page=hadith&LINKID=821552عن مسعود بن قبيصة - أو : قبيصة بن مسعود - يقول : صلى هذا الحي من " محارب " الصبح ، فلما صلوا قال شاب منهم : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إنه سيفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها ، وإن عمالها في النار ، إلا من اتقى الله وأدى الأمانة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
أبو المغيرة ، حدثنا
صفوان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16027سليم بن عامر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821553ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزا يعز الله به الإسلام ، وذلا يذل الله به الكفر ، فكان تميم الداري يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي ، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يزيد بن عبد ربه ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، حدثني
ابن جابر ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16027سليم بن عامر قال : سمعت
المقداد بن الأسود يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821554لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر ، إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها ، وإما يذلهم فيدينون لها .
[ ص: 137 ] وفي المسند أيضا : حدثنا
محمد بن أبي عدي ، عن
ابن عون ، عن
ابن سيرين ، عن
أبي حذيفة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=821555عن عدي بن حاتم سمعه يقول : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عدي ، أسلم تسلم . فقلت : إني من أهل دين . قال : أنا أعلم بدينك منك . فقلت : أنت أعلم بديني مني ؟ قال : نعم ، ألست من الركوسية ، وأنت تأكل مرباع قومك ؟ . قلت : بلى . قال : فإن هذا لا يحل لك في دينك . قال : فلم يعد أن قالها فتواضعت لها ، قال : أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام ، تقول : إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له ، وقد رمتهم العرب ، أتعرف الحيرة ؟ قلت : لم أرها ، وقد سمعت بها . قال : فوالذي نفسي بيده ، ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة ، حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولتفتحن كنوز nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز . قلت : nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز ؟ . قال : نعم ، nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز ، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد . قال
عدي بن حاتم : فهذه الظعينة تخرج من
الحيرة ، فتطوف بالبيت في غير جوار أحد ، ولقد كنت فيمن فتح كنوز
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز ، والذي نفسي بيده ، لتكونن الثالثة ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قالها .
وقال
مسلم : حدثنا
أبو معن زيد بن يزيد الرقاشي ، حدثنا
خالد بن الحارث ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن
الأسود بن العلاء ، عن
أبي سلمة ، عن
عائشة - رضي الله عنها - قالت : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821556لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى . فقلت : يا رسول الله ، إن كنت لأظن حين أنزل الله - عز وجل - : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ) إلى قوله : ( ولو كره المشركون ) أن ذلك تام ، قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله - عز وجل - ثم يبعث الله ريحا طيبة [ فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ] فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم .