(
انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ( 41 ) )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11870أبي الضحى مسلم بن صبيح : هذه الآية : (
انفروا خفافا وثقالا )
[ ص: 156 ] أول ما نزل من سورة " براءة " .
وقال
معتمر بن سليمان ، عن أبيه قال : زعم حضرمي أنه ذكر له أن ناسا كانوا عسى أن يكون أحدهم عليلا أو كبيرا ، فيقول : إني لا آثم ، فأنزل الله : (
انفروا خفافا وثقالا ) الآية .
أمر الله تعالى بالنفير العام مع الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - عام غزوة تبوك ، لقتال أعداء الله من الروم الكفرة من أهل الكتاب ، وحتم على المؤمنين في الخروج معه على كل حال في المنشط والمكره والعسر واليسر ، فقال : (
انفروا خفافا وثقالا )
وقال
علي بن زيد ، عن
أنس ، عن
أبي طلحة : كهولا وشبابا ما أسمع الله عذر أحدا ، ثم خرج إلى
الشام ، فقاتل حتى قتل .
وفي رواية : قرأ
أبو طلحة سورة براءة ، فأتى على هذه الآية : (
انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) فقال : أرى ربنا يستنفرنا شيوخا وشبابا جهزوني يا بني . فقال بنوه : يرحمك الله ، قد غزوت مع رسول الله حتى مات ، ومع
أبي بكر حتى مات ، ومع
عمر حتى مات ، فنحن نغزو عنك . فأبى ، فركب البحر فمات ، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد تسعة أيام ، فلم يتغير ، فدفنوه بها .
وهكذا روي عن
ابن عباس ،
وعكرمة وأبي صالح ،
والحسن البصري ،
وشمر بن عطية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي وزيد بن أسلم : أنهم قالوا في تفسير هذه الآية : (
انفروا خفافا وثقالا ) قالوا : كهولا وشبابا ، وكذا قال
عكرمة والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان ، وغير واحد .
وقال
مجاهد : شبابا وشيوخا ، وأغنياء ومساكين . وكذا قال
أبو صالح ، وغيره .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة : مشاغيل وغير مشاغيل .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس في قوله تعالى : (
انفروا خفافا وثقالا ) يقول : انفروا نشاطا وغير نشاط . وكذا قال
قتادة .
وقال
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد : (
انفروا خفافا وثقالا ) قالوا : فإن فينا الثقيل ، وذا الحاجة ، والضيعة والشغل ، والمتيسر به أمر ، فأنزل الله وأبى أن يعذرهم دون أن ينفروا خفافا وثقالا وعلى ما كان منهم .
[ ص: 157 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن البصري أيضا : في العسر واليسر . وهذا كله من مقتضيات العموم في الآية ، وهذا اختيار
ابن جرير .
وقال
الإمام أبو عمرو الأوزاعي : إذا كان النفير إلى دروب
الروم نفر الناس إليها خفافا وركبانا ، وإذا كان النفير إلى هذه السواحل نفروا إليها خفافا وثقالا وركبانا ومشاة . وهذا تفصيل في المسألة .
وقد روي عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني وغيرهم أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : (
فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ) وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : قوله : (
انفروا خفافا وثقالا ) يقول : غنيا وفقيرا ، وقويا وضعيفا فجاءه رجل يومئذ ، زعموا أنه
المقداد ، وكان عظيما سمينا ، فشكا إليه وسأله أن يأذن له ، فأبى ، فنزلت يومئذ (
انفروا خفافا وثقالا ) فلما نزلت هذه الآية اشتد على الناس شأنها فنسخها الله ، فقال : (
ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ) [ التوبة : 91 ] .
وقال
ابن جرير : حدثني
يعقوب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، حدثنا
أيوب ، عن
محمد قال : شهد
أبو أيوب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدرا ثم لم يتخلف عن غزاة للمسلمين إلا وهو في آخرين إلا عاما واحدا قال : وكان
أبو أيوب يقول : قال الله : (
انفروا خفافا وثقالا ) فلا أجدني إلا خفيفا أو ثقيلا .
وقال
ابن جرير : حدثني
سعيد بن عمر السكوني ، حدثنا
بقية ، حدثنا
حريز ، حدثني
عبد الرحمن بن ميسرة ، حدثني
أبو راشد الحبراني قال : وافيت
المقداد بن الأسود فارس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا على تابوت من توابيت الصيارفة
بحمص ، وقد فضل عنها من عظمه ، يريد الغزو ، فقلت له : لقد أعذر الله إليك فقال : أتت علينا سورة " البحوث " (
انفروا خفافا وثقالا )
وبه قال
ابن جرير : حدثني
حيان بن زيد الشرعبي قال : نفرنا مع
nindex.php?page=showalam&ids=16230صفوان بن عمرو - وكان واليا على
حمص - قبل الأفسوس ، إلى
الجراجمة فلقيت شيخا كبيرا هما ، وقد سقط حاجباه على عينيه ، من
أهل دمشق ، على راحلته ، فيمن أغار . فأقبلت إليه فقلت : يا عم ، لقد أعذر الله إليك . قال : فرفع حاجبيه فقال : يا ابن أخي ، استنفرنا الله خفافا وثقالا إنه من يحبه الله يبتليه ، ثم يعيده الله فيبقيه وإنما يبتلي الله من عباده من شكر وصبر وذكر ، ولم يعبد إلا الله ، عز وجل .
[ ص: 158 ] ثم رغب تعالى في النفقة في سبيله ، وبذل المهج في مرضاته ومرضاة رسوله ، فقال : (
وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) أي : هذا خير لكم في الدنيا والآخرة ، ولأنكم تغرمون في النفقة قليلا فيغنمكم الله أموال عدوكم في الدنيا ، مع ما يدخر لكم من الكرامة في الآخرة ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501041وتكفل الله للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة ، أو يرده إلى منزله نائلا ما نال من أجر أو غنيمة .
ولهذا قال تعالى : (
كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) [ البقرة : 216 ] .
ومن هذا القبيل ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
محمد بن أبي عدي ، عن
حميد ، عن
أنس ؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501042عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل : أسلم . قال : أجدني كارها . قال : أسلم وإن كنت كارها .