(
عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ( 43 )
لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين ( 44 )
إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ( 45 ) )
[ ص: 159 ]
قال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
أبو حصين بن [ يحيى بن ] سليمان الرازي ، حدثنا
سفيان بن عيينة ، عن
مسعر عن
عون قال : هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا ؟ بدأ بالعفو قبل المعاتبة فقال : (
عفا الله عنك لم أذنت لهم ) وكذا قال
مورق العجلي وغيره .
وقال
قتادة : عاتبه كما تسمعون ، ثم أنزل التي في سورة النور ، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء : (
فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم ) [ النور : 62 ] وكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني .
وقال
مجاهد : نزلت هذه الآية في أناس قالوا : استأذنوا رسول الله ، فإن أذن لكم فاقعدوا ، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا .
ولهذا قال تعالى : (
حتى يتبين لك الذين صدقوا ) أي : في إبداء الأعذار ، (
وتعلم الكاذبين ) يقول تعالى : هلا تركتهم لما استأذنوك ، فلم تأذن لأحد منهم في القعود ، لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب ، فإنهم قد كانوا مصرين على القعود عن الغزو [ وإن لم تأذن لهم فيه . ولهذا أخبر تعالى أنه لا يستأذنه في القعود عن الغزو ] أحد يؤمن بالله ورسوله ، فقال : (
لا يستأذنك ) أي : في القعود عن الغزو (
الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ) ؛ لأن أولئك يرون الجهاد قربة ، ولما ندبهم إليه بادروا وامتثلوا . (
والله عليم بالمتقين إنما يستأذنك ) أي : في القعود ممن لا عذر له (
الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ) أي : لا يرجون ثواب الله في الدار الآخرة على أعمالهم ، (
وارتابت قلوبهم ) أي : شكت في صحة ما جئتهم به ، (
فهم في ريبهم يترددون ) أي : يتحيرون ، يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى ، وليست لهم قدم ثابتة في شيء ، فهم قوم حيارى هلكى ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا .