[ ص: 189 ] (
فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ( 81 )
فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون ( 82 ) )
يقول تعالى ذاما للمنافقين المتخلفين عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة
تبوك ، وفرحوا بمقعدهم بعد خروجه ، (
وكرهوا أن يجاهدوا ) معه (
بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا ) أي : بعضهم لبعض : (
لا تنفروا في الحر ) ؛ وذلك أن الخروج في غزوة
تبوك كان في شدة الحر ، عند طيب الظلال والثمار ، فلهذا قالوا (
لا تنفروا في الحر ) قال الله تعالى لرسوله : ( قل ) لهم : (
نار جهنم ) التي تصيرون إليها بسبب مخالفتكم (
أشد حرا ) مما فررتم منه من الحر ، بل أشد حرا من النار ، كما قال
الإمام مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821570نار بني آدم التي يوقدون بها جزء من سبعين جزءا [ من نار جهنم فقالوا : يا رسول الله ، إن كانت لكافية . قال : إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا ] أخرجاه في الصحيحين من حديث
مالك ، به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13724الأعرج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821571إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، وضربت بالبحر مرتين ، ولولا ذلك ما جعل [ الله ] فيها منفعة لأحد وهذا أيضا إسناده صحيح .
وقد روى
الإمام أبو عيسى الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، عن
عباس الدوري ، عن
يحيى بن أبي بكير عن
شريك ، عن
عاصم ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821572أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت ، فهي سوداء كالليل المظلم . ثم قال
الترمذي : لا أعلم أحدا رفعه غير
يحيى .
كذا قال . وقد رواه
الحافظ أبو بكر بن مردويه عن
إبراهيم بن محمد ، عن
محمد بن الحسين بن [ ص: 190 ] مكرم ، عن
عبيد الله بن سعد عن عمه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - به . وروى أيضا
ابن مردويه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة ، عن
ثابت ، عن
أنس قال :
تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( نارا وقودها الناس والحجارة ) [ التحريم : 6 ] قال : أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ، وألف عام حتى احمرت ، وألف عام حتى اسودت ، فهي سوداء كالليل ، لا يضيء لهبها .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الحافظ أبو القاسم الطبراني من حديث
تمام بن نجيح - وقد اختلف فيه - عن
الحسن ، عن
أنس مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501088لو أن شرارة بالمشرق - أي من نار جهنم - لوجد حرها من بالمغرب .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12201الحافظ أبو يعلى عن
إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن
أبي عبيدة الحداد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان عن
محمد بن شبيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937جعفر بن أبي وحشية ، عن
سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825403لو كان هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون ، وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه ، لاحترق المسجد ومن فيه غريب .
وقال
الأعمش عن
أبي إسحاق ، عن
النعمان بن بشير قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821573إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لمن له نعلان وشراكان من نار ، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، لا يرى أحدا من أهل النار أشد عذابا منه ، وإنه أهونهم عذابا . أخرجاه في الصحيحين ، من حديث
الأعمش .
وقال
مسلم أيضا : حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
يحيى بن أبي بكير حدثنا
زهير بن محمد ، عن
سهيل بن أبي صالح ، عن
النعمان بن أبي عياش عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821574إن أدنى أهل النار عذابا يوم القيامة ينتعل بنعلين من نار ، يغلي دماغه من حرارة نعليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يحيى ، عن
ابن عجلان ، سمعت أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821575إن أدنى أهل النار عذابا رجل يجعل له نعلان يغلي منهما دماغه .
وهذا إسناد جيد قوي ، رجاله على شرط
مسلم ، والله أعلم .
[ ص: 191 ] والأحاديث والآثار النبوية في هذا كثيرة ، وقال الله تعالى في كتابه العزيز : (
كلا إنها لظى نزاعة للشوى ) [ المعارج : 15 ، 16 ] وقال تعالى : (
يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ) [ الحج : 19 - 22 ] وقال تعالى : (
إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ) [ النساء : 56 ] .
وقال تعالى في هذه الآية الكريمة [ الأخرى ] (
قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ) أي : لو أنهم يفقهون ويفهمون لنفروا مع الرسول في سبيل الله في الحر ، ليتقوا به حر جهنم ، الذي هو أضعاف أضعاف هذا ، ولكنهم كما قال الآخر :
كالمستجير من الرمضاء بالنار
وقال الآخر :
عمرك بالحمية أفنيته مخافة البارد والحار
وكان أولى بك أن تتقي من المعاصي حذر النار
ثم قال [ الله ] تعالى جل جلاله ، متوعدا لهؤلاء المنافقين على صنيعهم هذا : (
فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون )
قال
ابن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : الدنيا قليل ، فليضحكوا فيها ما شاءوا ، فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله - عز وجل - استأنفوا بكاء لا ينقطع أبدا . وكذا قال
أبو رزين ،
والحسن ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع بن خثيم ،
وعون العقيلي وزيد بن أسلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12201الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا
عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد عن ابن المبارك ، عن
عمران بن زيد ، حدثنا
يزيد الرقاشي ، عن
أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825404يا أيها الناس ، ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فإن أهل النار يبكون حتى تسيل دموعهم في وجوههم كأنها جداول ، حتى تنقطع الدموع فتسيل الدماء فتقرح العيون . فلو أن سفنا أزجيت فيها لجرت .
ورواه
ابن ماجه من حديث
الأعمش ، عن
يزيد الرقاشي ، به .
[ ص: 192 ] وقال
الحافظ أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا : حدثنا
محمد بن العباس ، حدثنا
حماد الجزري ، عن
زيد بن رفيع ، رفعه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825405إن أهل النار إذا دخلوا النار بكوا الدموع زمانا ، ثم بكوا القيح زمانا ، قال : فتقول لهم الخزنة : يا معشر الأشقياء ، تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا ، هل تجدون اليوم من تستغيثون به ؟ قال : فيرفعون أصواتهم : يا أهل الجنة ، يا معشر الآباء والأمهات والأولاد ، خرجنا من القبور عطاشا ، وكنا طول الموقف عطاشا ، ونحن اليوم عطاش ، فأفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ، فيدعون أربعين سنة لا يجيبهم ، ثم يجيبهم : ( إنكم ماكثون ) [ الزخرف : 77 ] فييأسون من كل خير .