(
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ( 84 ) )
أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يبرأ من المنافقين ، وألا يصلي على أحد منهم إذا مات ، وألا
[ ص: 193 ] يقوم على قبره ليستغفر له أو يدعو له ؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله ، وماتوا عليه . وهذا حكم عام في كل من عرف نفاقه ، وإن كان سبب نزول الآية في
عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
حدثنا
عبيد بن إسماعيل ، عن
أبي أسامة ، عن
عبيد الله ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821576لما توفي عبد الله - هو ابن أبي - جاء ابنه عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه ، فأعطاه ، ثم سأله أن يصلي عليه ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، تصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما خيرني الله فقال : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) وسأزيده على السبعين . قال : إنه منافق ! قال : فصلى عليه [ رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فأنزل الله - عز وجل - آية : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره )
وكذا رواه
مسلم عن
أبي بكر بن أبي شيبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11804أبي أسامة حماد بن أسامة ، به .
ثم رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
إبراهيم بن المنذر ، عن
أنس بن عياض ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله - وهو ابن عمر العمري - به ، وقال : فصلى عليه ، وصلينا معه ، وأنزل الله : (
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) الآية .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ، عن
عبيد الله ، به .
وقد روي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب نفسه أيضا بنحو من هذا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
يعقوب ، حدثنا أبي ، عن
ابن إسحاق ، حدثني
الزهري ، عن
عبيد الله بن عبد الله ، عن
ابن عباس قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821577لما توفي عبد الله بن [ أبي دعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة عليه ، فقام إليه ، فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره ، فقلت : يا رسول الله ، أعلى عدو الله عبد الله بن ] أبي القائل يوم كذا : كذا وكذا - يعدد أيامه - قال : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسم ، حتى إذا أكثرت عليه قال : أخر عني يا عمر ، إني خيرت فاخترت ، قد قيل لي : ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ) [ التوبة : 80 ] لو أعلم أنى إن زدت على السبعين غفر له لزدت . قال : ثم صلى عليه ، ومشى معه ، وقام على قبره حتى فرغ منه - قال : فعجب لي وجراءتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله ورسوله أعلم ! قال : فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك ) [ ص: 194 ] فما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده على منافق ، ولا قام على قبره ، حتى قبضه الله ، عز وجل .
وهكذا رواه
الترمذي في " التفسير " من حديث
محمد بن إسحاق ، عن
الزهري ، به وقال : حسن صحيح . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
يحيى بن بكير ، عن
الليث ، عن
عقيل ، عن
الزهري ، به ، فذكر مثله ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821578أخر عني يا عمر . فلما أكثرت عليه قال : إني خيرت فاخترت ، ولو أعلم أنى إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها . قال : فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من براءة : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) الآية ، فعجبت بعد من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم . .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
محمد بن أبي عبيد ، حدثنا
عبد الملك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821579لما مات عبد الله بن أبي ، أتى ابنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إنك إن لم تأته لم نزل نعير بهذا . فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجده قد أدخل في حفرته ، فقال : أفلا قبل أن تدخلوه ! فأخرج من حفرته ، وتفل عليه من قرنه إلى قدمه ، وألبسه قميصه .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
أبي داود الحراني ، عن
يعلى بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك - وهو ابن أبي سليمان - به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
عبد الله بن عثمان ، أخبرنا
ابن عيينة ، عن
عمرو ، سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821580أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أبي بعد ما أدخل في قبره ، فأمر به فأخرج ، ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه والله أعلم .
وقد رواه أيضا في غير موضع مع
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من غير وجه ، عن
سفيان بن عيينة ، به .
وقال
الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده : حدثنا
عمرو بن علي ، حدثنا
يحيى ، حدثنا
مجالد ، حدثنا
عامر ، حدثنا
جابر ( ح ) وحدثنا
يوسف بن موسى ، حدثنا
عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ، حدثنا
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825406لما مات رأس المنافقين - قال يحيى بن سعيد : بالمدينة - فأوصى أن يصلي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء ابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : [ ص: 195 ] إن أبي أوصى أن يكفن في قميصك - وهذا الكلام في حديث nindex.php?page=showalam&ids=13538عبد الرحمن بن مغراء - قال يحيى في حديثه : فصلى عليه ، وألبسه قميصه ، فأنزل الله تعالى : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) وزاد عبد الرحمن : وخلع النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه ، فأعطاه إياه ، ومشى فصلى عليه ، وقام على قبره ، فأتاه جبريل - عليه السلام - لما ولى قال : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) وهذا إسناد لا بأس به ، وما قبله شاهد له .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الإمام أبو جعفر الطبري : حدثنا [
أحمد بن إسحاق ، حدثنا ]
أبو أحمد ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
يزيد الرقاشي ، عن
أنس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يصلي على
عبد الله بن أبي ، فأخذ
جبريل بثوبه وقال : (
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره )
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12201الحافظ أبو يعلى في مسنده ، من حديث
يزيد الرقاشي وهو ضعيف .
وقال
قتادة :
أرسل عبد الله بن أبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مريض ، فلما دخل عليه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : أهلكك حب يهود . قال : يا رسول الله ، إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ، ولم أرسل إليك لتؤنبني ! ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه أن يكفن فيه أباه ، فأعطاه إياه ، وصلى عليه ، وقام على قبره ، فأنزل الله - عز وجل - : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره )
وقد ذكر بعض السلف أنه إنما ألبسه قميصه ؛ لأن
عبد الله بن أبي لما قدم
العباس طلب له قميص ، فلم يوجد على تفصيله إلا ثوب
عبد الله بن أبي ؛ لأنه كان ضخما طويلا ففعل ذلك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكافأة له ، فالله أعلم ، ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية الكريمة عليه لا يصلي على أحد من المنافقين ، ولا يقوم على قبره ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
يعقوب ، حدثنا أبي ، عن أبيه ، حدثني
عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دعي لجنازة سأل عنها ، فإن أثني عليها خيرا قام فصلى عليها ، وإن أثني عليها غير ذلك قال لأهلها : شأنكم بها ، ولم يصل عليها .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لا يصلي على جنازة من جهل حاله ، حتى يصلي عليها
حذيفة بن اليمان ؛ لأنه كان يعلم أعيان منافقين قد أخبره بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ ولهذا كان يقال له : " صاحب السر " الذي لا يعلمه غيره ، أي من الصحابة .
[ ص: 196 ] وقال
أبو عبيد في كتاب " الغريب " ، في حديث
عمر أنه أراد أن يصلي على جنازة رجل ، فمرزه
حذيفة ، كأنه أراد أن يصده عن الصلاة عليها ، ثم حكي عن بعضهم أن " المرز " بلغة
أهل اليمامة هو : القرص بأطراف الأصابع .
ولما نهى الله - عز وجل - عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم للاستغفار لهم ، كان هذا الصنيع من أكبر القربات في حق المؤمنين ، فشرع ذلك ، وفي فعله الأجر الجزيل ، لما ثبت في الصحاح وغيرها من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط ، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان . قيل : وما القيراطان ؟ قال : أصغرهما مثل
أحد .
وأما القيام عند قبر المؤمن إذا مات فقد قال
أبو داود : حدثنا
إبراهيم بن موسى الرازي ، أخبرنا
هشام ، عن
عبد الله بن بحير ، عن
هانئ - وهو أبو سعيد البربري ، مولى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - عن
عثمان - رضي الله عنه - قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم ، واسألوا له التثبيت ، فإنه الآن يسأل .
انفرد بإخراجه
أبو داود ، رحمه الله .