(
الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ( 97 )
ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ( 98 )
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم ( 99 ) )
أخبر تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين ، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد ، وأجدر ، أي : أحرى ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، كما قال
الأعمش عن
إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى
زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه ، وكانت يده قد أصيبت يوم
نهاوند ، فقال الأعرابي : والله إن حديثك ليعجبني ، وإن يدك لتريبني فقال
زيد : ما يريبك من يدي ؟ إنها الشمال . فقال الأعرابي : والله ما أدري ، اليمين يقطعون أو الشمال ؟ فقال
زيد بن صوحان صدق الله : (
الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله )
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا
سفيان ، عن
أبي موسى ، عن
وهب [ ص: 202 ] بن منبه ، عن
ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501093من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن " .
ورواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طرق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، به وقال
الترمذي : حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث
الثوري .
ولما كانت الغلظة والجفاء في أهل البوادي لم يبعث الله منهم رسولا وإنما كانت البعثة من أهل القرى ، كما قال تعالى : (
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى ) [ يوسف : 109 ] ولما أهدى ذلك الأعرابي تلك الهدية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه أضعافها حتى رضي ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501094لقد هممت ألا أقبل هدية إلا من قرشي ، أو ثقفي أو أنصاري ، أو دوسي " ؛ لأن هؤلاء كانوا يسكنون المدن :
مكة ،
والطائف ،
والمدينة ،
واليمن ، فهم ألطف أخلاقا من الأعراب : لما في
طباع الأعراب من الجفاء .
حديث [ الأعرابي ] في تقبيل الولد : قال
مسلم : حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا
أبو أسامة وابن نمير ، عن
هشام ، عن أبيه ، عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501095قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أتقبلون صبيانكم ؟ قالوا : نعم . قالوا : ولكنا والله ما نقبل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأملك أن كان الله نزع منكم الرحمة ؟ " . وقال
ابن نمير : " من قلبك الرحمة "
وقوله : (
والله عليم حكيم ) أي : عليم بمن يستحق أن يعلمه الإيمان والعلم ، ( حكيم ) فيما قسم بين عباده من العلم والجهل والإيمان والكفر والنفاق ، لا يسأل عما يفعل ، لعلمه وحكمته .
وأخبر تعالى أن منهم (
من يتخذ ما ينفق ) أي : في سبيل الله (
مغرما ) أي : غرامة وخسارة ، (
ويتربص بكم الدوائر ) أي : ينتظر بكم الحوادث والآفات ، (
عليهم دائرة السوء ) أي : هي منعكسة عليهم والسوء دائر عليهم ، (
والله سميع عليم ) أي : سميع لدعاء عباده ، عليم بمن يستحق النصر ممن يستحق الخذلان .
وقوله : (
ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ) هذا هو القسم الممدوح من الأعراب ، وهم الذين يتخذون ما ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله ، ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ، (
ألا إنها قربة لهم ) أي : ألا إن ذلك حاصل لهم ، (
سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم )