[ ص: 207 ] (
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ( 103 )
ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ( 104 ) )
أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم ويزكيهم بها ، وهذا عام وإن أعاد بعضهم الضمير في " أموالهم " إلى الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ؛ ولهذا اعتقد بعض مانعي الزكاة من أحياء العرب أن دفع الزكاة إلى الإمام لا يكون ، وإنما كان هذا خاصا برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا احتجوا بقوله تعالى : (
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) وقد رد عليهم هذا التأويل والفهم الفاسد
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق أبو بكر وسائر الصحابة ، وقاتلوهم حتى أدوا الزكاة إلى الخليفة ، كما كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قال الصديق : والله لو منعوني عقالا - وفي رواية : عناقا - يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأقاتلنهم على منعه .
وقوله : (
وصل عليهم ) أي : ادع لهم واستغفر لهم ، كما رواه
مسلم في صحيحه ، عن
عبد الله بن أبي أوفى قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501100كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بصدقة قوم صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفى " وفي الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501101أن امرأة قالت : يا رسول الله ، صل علي وعلى زوجي . فقال : " صلى الله عليك ، وعلى زوجك " .
وقوله : (
إن صلاتك ) : قرأ بعضهم : " صلواتك " على الجمع ، وآخرون قرءوا : (
إن صلاتك ) على الإفراد .
(
سكن لهم ) قال
ابن عباس : رحمة لهم . وقال
قتادة : وقار .
وقوله : (
والله سميع ) أي : لدعائك (
عليم ) أي : بمن يستحق ذلك منك ومن هو أهل له .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، حدثنا
أبو العميس ، عن
أبي بكر بن عمرو بن عتبة ، عن
ابن لحذيفة ، عن أبيه ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا لرجل أصابته ، وأصابت ولده ، وولد ولده .
ثم رواه عن
أبي نعيم ، عن
مسعر ، عن
أبي بكر بن عمرو بن عتبة ، عن
ابن لحذيفة - قال
مسعر :
[ ص: 208 ] وقد ذكره مرة عن
حذيفة - : إن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لتدرك الرجل وولده وولد ولده .
وقوله : (
ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) هذا تهييج إلى
التوبة والصدقة اللتين كل منها يحط الذنوب ويمحصها ويمحقها .
وأخبر تعالى أن كل من تاب إليه تاب عليه ، ومن تصدق بصدقة من كسب حلال فإن الله تعالى يتقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها ، حتى تصير التمرة مثل أحد . كما جاء بذلك الحديث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما قال
الثوري nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=16292عباد بن منصور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501102إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم ، كما يربي أحدكم مهره ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد " ، وتصديق ذلك في كتاب الله ، عز وجل : (
[ ألم يعلموا أن الله ] هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) و [ قوله ] (
يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) [ البقرة : 276 ] .
وقال
الثوري nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش كلاهما ، عن
عبد الله بن السائب ، عن
عبد الله بن أبي قتادة قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه : إن الصدقة تقع في يد الله عز وجل قبل أن تقع في يد السائل . ثم قرأ هذه الآية : (
ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في تاريخه ، في ترجمة
عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشقي - وأصله حمصي ، وكان أحد الفقهاء ، روى عن
معاوية وغيره ، وحكى عنه
حوشب بن سيف السكسكي الحمصي - قال : غزا الناس في زمان
معاوية ، رضي الله عنه ، وعليهم
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فغل رجل من المسلمين مائة دينار رومية . فلما قفل الجيش ندم وأتى الأمير ، فأبى أن يقبلها منه ، وقال : قد تفرق الناس ولن أقبلها منك ، حتى تأتي الله بها يوم القيامة فجعل الرجل يستقرئ الصحابة ، فيقولون له مثل ذلك ، فلما قدم دمشق ذهب إلى
معاوية ليقبلها منه ، فأبى عليه . فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع ، فمر
بعبد الله بن الشاعر السكسكي ، فقال له : ما يبكيك ؟ فذكر له أمره ، فقال أمطيعني أنت ؟ فقال : نعم ، فقال : اذهب إلى
معاوية فقل له : اقبل مني خمسك ، فادفع إليه عشرين دينارا ، وانظر الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ، وهو أعلم بأسمائهم ومكانهم ففعل الرجل ، فقال
معاوية ، رضي الله عنه : لأن أكون أفتيته بها أحب إلي من كل شيء أملكه ، أحسن الرجل " .