تفسير سورة يونس [ وهي مكية ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[ ص: 245 ] (
الر تلك آيات الكتاب الحكيم ( 1 )
أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ( 2 ) )
أما الحروف المقطعة في أوائل السور ، فقد تقدم الكلام عليها [ مستوفى ] في أوائل سورة البقرة .
وقال
أبو الضحى ، عن
ابن عباس في قوله تعالى : "
الر " ، أي : أنا الله أرى . وكذا قال
الضحاك وغيره .
(
تلك آيات الكتاب الحكيم ) أي : هذه آيات القرآن المحكم المبين وقال
مجاهد : (
الر تلك آيات الكتاب الحكيم ) [ قال : التوراة والإنجيل ] .
[ وقال
الحسن : التوراة والزبور ] .
وقال
قتادة : (
تلك آيات الكتاب ) قال : الكتب التي كانت قبل القرآن .
وهذا القول لا أعرف وجهه ولا معناه .
وقوله : (
أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا ) الآية ، يقول تعالى منكرا على من تعجب من الكفار من إرسال المرسلين من البشر ، كما أخبر تعالى عن القرون الماضية من قولهم : (
أبشر يهدوننا ) [ التغابن : 6 ] وقال
هود وصالح لقومهما : (
أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم ) [ الأعراف : 63 : 69 ] وقال تعالى مخبرا عن كفار
قريش أنهم قالوا : (
أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ) [ ص : 5 ] .
وقال
الضحاك ، عن
ابن عباس : لما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا أنكرت العرب ذلك ، أو من أنكر منهم ، فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل
محمد . قال : فأنزل الله عز
[ ص: 246 ] وجل : (
أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم )
وقوله : (
أن لهم قدم صدق عند ربهم ) اختلفوا فيه ، فقال
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس في قوله : (
أن لهم قدم صدق [ عند ربهم ] ) يقول : سبقت لهم السعادة في الذكر الأول .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : (
أن لهم قدم صدق عند ربهم ) يقول : أجرا حسنا ، بما قدموا . وكذا قال
الضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم . وهذا كقوله تعالى : (
لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ) [ الكهف : 2 ، 3 ]
وقال مجاهد : (
أن لهم قدم صدق عند ربهم ) قال : الأعمال الصالحة صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم .
[ وقال
عمرو بن الحارث عن
قتادة أو
الحسن (
أن لهم قدم صدق عند ربهم ] ) قال :
محمد صلى الله عليه وسلم شفيع لهم . وكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل بن حيان .
وقال
قتادة : سلف صدق عند ربهم .
واختار
ابن جرير قول
مجاهد - أنها الأعمال الصالحة التي قدموها - قال : كما يقال : " له قدم في الإسلام " ومنه قول [
حسان ] رضي الله عنه .
لنا القدم العليا إليك وخلفنا لأولنا في طاعة الله تابع
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
لكم قدم لا ينكر الناس أنها مع الحسب العادي طمت على البحر
وقوله تعالى : (
قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) أي : مع أنا بعثنا إليهم رسولا منهم ، رجلا من جنسهم ، بشيرا ونذيرا ، (
قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ) أي : ظاهر ، وهم الكاذبون في ذلك .