) ( 98 )
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ( 99 )
وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ( 100 ) )
يقول تعالى : (
ولو شاء ربك ) - يا
محمد - لأذن لأهل الأرض كلهم في الإيمان بما جئتهم به ، فآمنوا كلهم ، ولكن له حكمة فيما يفعله تعالى كما قال تعالى : (
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) [ هود : 118 ، 119 ] ، وقال تعالى : (
أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ) [ الرعد : 31 ] ؛ ولهذا قال تعالى : (
أفأنت تكره الناس ) أي : تلزمهم وتلجئهم (
حتى يكونوا مؤمنين ) أي : ليس ذلك عليك ولا إليك ، بل [ إلى ] الله (
يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) [ فاطر : 8 ] ، (
ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [ البقرة : 272 ] ، (
لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) [ الشعراء : 3 ] ، (
إنك لا تهدي من أحببت ) [ القصص : 56 ] ، (
فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ) [ الرعد : 40 ] ، (
فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر ) [ الغاشية : 21 ، 22 ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الله تعالى هو الفعال لما يريد ، الهادي من يشاء ، المضل لمن يشاء ، لعلمه وحكمته وعدله ؛ ولهذا قال : (
وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس ) وهو الخبال والضلال ، (
على الذين لا يعقلون ) أي : حجج الله وأدلته ، وهو العادل في كل ذلك ، في هداية من هدى ، وإضلال من ضل .