تفسير
سورة يوسف [ وهي مكية ]
[ ص: 365 ]
روى
الثعلبي وغيره ، من طريق
سلام بن سليم - ويقال : سليم - المدائني ، وهو متروك ، عن
هارون بن كثير - وقد نص على جهالته
أبو حاتم - عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن
أبي أمامة ، عن
أبي بن كعب قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " علموا أرقاءكم سورة يوسف ، فإنه أيما مسلم تلاها ، أو علمها أهله ، أو ما ملكت يمينه ، هون الله عليه سكرات الموت ، وأعطاه من القوة ألا يحسد مسلما " .
وهذا من هذا الوجه لا يصح ، لضعف إسناده بالكلية . وقد ساقه له
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر متابعا من طريق
القاسم بن الحكم ، عن
هارون بن كثير ، به ، ومن طريق
شبابة ، عن
مخلد بن عبد الواحد البصري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان ، وعن
عطاء بن أبي ميمونة ، عن
زر بن حبيش ، عن
أبي بن كعب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحوه وهو منكر من سائر طرقه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الدلائل " أن طائفة من
اليهود حين سمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلو هذه السورة أسلموا لموافقتها ما عندهم . وهو من رواية
الكلبي ، عن
أبي صالح ، عن
ابن عباس .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
الر تلك آيات الكتاب المبين ( 1 )
إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ( 2 )
نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ( 3 ) )
أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة " البقرة " .
وقوله : (
تلك آيات الكتاب ) أي : هذه آيات الكتاب ، وهو القرآن ، ( المبين ) أي : الواضح الجلي ، الذي يفصح عن الأشياء المبهمة ويفسرها ويبينها .
(
إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) وذلك لأن لغة العرب أفصح اللغات وأبينها وأوسعها ، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس; فلهذا
أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات ، على أشرف الرسل ، بسفارة أشرف الملائكة ، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض ، وابتدئ إنزاله في أشرف
[ ص: 366 ] شهور السنة وهو رمضان ، فكمل من كل الوجوه; ولهذا قال تعالى : (
نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن .
وقد ورد في سبب نزول هذه الآيات ما رواه ابن جرير :
حدثني
نصر بن عبد الرحمن الأودي . حدثنا
حكام الرازي ، عن
أيوب ، عن
عمرو ، هو ابن قيس الملائي ،
عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ؟ فنزلت : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) .
ورواه من وجه آخر ، عن
عمرو بن قيس مرسلا .
وقال أيضا : حدثنا
محمد بن سعيد العطار ، حدثنا
عمرو بن محمد ، أنبأنا
خلاد الصفار ، عن
عمرو بن قيس ، عن
عمرو بن مرة ، عن
مصعب بن سعد nindex.php?page=hadith&LINKID=825508عن سعد قال : أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن ، قال : فتلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا . فأنزل الله عز وجل : ( الر تلك آيات الكتاب المبين ) إلى قوله : ( لعلكم تعقلون ) . ثم تلا عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا . فأنزل الله عز وجل : ( الله نزل أحسن الحديث ) الآية [ الزمر : 23 ] ، وذكر الحديث .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم من حديث
إسحاق بن راهويه ، عن
عمرو بن محمد القرشي العنقزي ، به .
وروى
ابن جرير بسنده ، عن
المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : مل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة ، فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا . [ فأنزل الله : ( الله نزل أحسن الحديث ) ثم ملوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله ، حدثنا ] فوق الحديث ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل الله : ( الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين ) فأرادوا الحديث ، فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص .
ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة ، المشتملة على مدح القرآن ، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد :
حدثنا
سريج بن النعمان ، أخبرنا
هشيم ، أنبأنا
مجالد ، عن
الشعبي ، nindex.php?page=hadith&LINKID=821681عن جابر بن عبد الله; أن [ ص: 367 ] عمر بن الخطاب أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فغضب وقال : " أمتهوكون فيها يابن الخطاب ؟ والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه ، أو بباطل فتصدقونه ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ، لما وسعه إلا أن يتبعني "
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
سفيان ، عن
جابر ، عن
الشعبي ، nindex.php?page=hadith&LINKID=821682عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ، ألا أعرضها عليك ؟ قال : فتغير وجه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . قال عبد الله بن ثابت : فقلت له : ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عمر : رضينا بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا . قال : فسري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : " والذي نفس محمد بيده ، لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12201الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا
عبد الغفار بن عبد الله بن الزبير ، حدثنا
علي بن مسهر ، عن
عبد الرحمن بن إسحاق ، عن
خليفة بن قيس ، عن خالد بن عرفطة قال : كنت جالسا عند عمر ، إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم . قال : وأنت النازل بالسوس ، قال : نعم . فضربه بقناة معه ، قال : فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس . فجلس ، فقرأ عليه : (
بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون نحن نقص عليك [ أحسن القصص ] ) إلى قوله : (
لمن الغافلين ) فقرأها ثلاثا ، وضربه ثلاثا ، فقال له الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أنت الذي نسخت كتاب دانيال! قال : مرني بأمرك أتبعه . قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقرأه ولا تقرئه أحدا من الناس ، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة ، ثم قال له : اجلس ، فجلس بين يديه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=825510فقال : انطلقت أنا فانتسخت كتابا من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " ما هذا في يدك يا عمر ؟ " . قال : قلت : يا رسول الله ، كتاب نسخته لنزداد به علما إلى علمنا . فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم صلى الله عليه وسلم ؟ السلاح السلاح . فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فقال : " يا أيها الناس ، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتيمه ، واختصر لي اختصارا ، ولقد أتيتكم بها [ ص: 368 ] بيضاء نقية فلا تتهوكوا ، ولا يغرنكم المتهوكون " . قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا ، وبك رسولا . ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد رواه
ابن أبي حاتم في تفسيره مختصرا ، من حديث
عبد الرحمن بن إسحاق ، به . وهذا حديث غريب من هذا الوجه .
وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ، وقد ضعفوه وشيخه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : لا يصح حديثه .
قلت : وقد روي له شاهد من وجه آخر ، فقال
الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي : أخبرني
الحسن بن سفيان ، حدثنا
يعقوب بن سفيان ، حدثنا
إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي ، حدثني
عمرو بن الحارث ، حدثنا
عبد الله بن سالم الأشعري ، عن الزبيدي ، حدثنا سليم بن عامر : أن جبير بن نفير حدثهم : أن رجلين كانا بحمص في خلافة عمر ، رضي الله عنه ، فأرسل إليهما فيمن أرسل من أهل حمص ، وكانا قد اكتتبا من اليهود صلاصفة فأخذاها معهما يستفتيان فيها أمير المؤمنين ويقولون : إن رضيها لنا أمير المؤمنين ازددنا فيها رغبة . وإن نهانا عنها رفضناها ، فلما قدما عليه قالا إنا بأرض أهل الكتابين ، وإنا نسمع منهم كلاما تقشعر منه جلودنا ، أفنأخذ منه أو نترك ؟ فقال : لعلكما كتبتما منه شيئا . قالا لا . قال : سأحدثكما ،
انطلقت في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتيت خيبر ، فوجدت يهوديا يقول قولا أعجبني ، فقلت : هل أنت مكتبي ما تقول ؟ قال : نعم . فأتيت بأديم ، فأخذ يملي علي ، حتى كتبت في الأكرع . فلما رجعت قلت : يا نبي الله ، وأخبرته ، قال : " ائتني به " . فانطلقت أرغب عن المشي رجاء أن أكون أتيت رسول الله ببعض ما يحب ، فلما أتيت به قال : " اجلس اقرأ علي " . فقرأت ساعة ، ثم نظرت إلى وجهه فإذا هو يتلون ، فتحيرت من الفرق ، فما استطعت أجيز منه حرفا ، فلما رأى الذي بي دفعه ثم جعل يتبعه رسما رسما فيمحوه بريقه ، وهو يقول : " لا تتبعوا هؤلاء ، فإنهم قد هوكوا وتهوكوا " ، حتى محا آخره حرفا حرفا . قال عمر ، رضي الله عنه : فلو علمت أنكما كتبتما منه شيئا جعلتكما نكالا لهذه الأمة! قالا والله ما نكتب منه شيئا أبدا . فخرجا بصلاصفتهما فحفرا لها فلم يألوا أن يعمقا ، ودفناها [ ص: 369 ] فكان آخر العهد منها .
وكذا روى
الثوري ، عن
جابر بن يزيد الجعفي ، عن
الشعبي ، عن
عبد الله بن ثابت الأنصاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، بنحوه وروى
أبو داود في المراسيل ، من حديث
أبي قلابة ، عن
عمر نحوه . والله أعلم .