[ ص: 379 ] (
وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ( 23 ) )
يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان
يوسف في بيتها
بمصر ، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه [ (
وراودته التي هو في بيتها ] عن نفسه ) أي : حاولته على نفسه ، ودعته إليها ، وذلك أنها أحبته حبا شديدا لجماله وحسنه وبهائه ، فحملها ذلك على أن تجملت له ، وغلقت عليه الأبواب ، ودعته إلى نفسها ، (
وقالت هيت لك ) فامتنع من ذلك أشد الامتناع ، (
وقال معاذ الله إنه ربي [ أحسن مثواي ] ) وكانوا يطلقون " الرب " على السيد والكبير ، أي : إن بعلك ربي أحسن مثواي أي : منزلي وأحسن إلي ، فلا أقابله بالفاحشة في أهله ، (
إنه لا يفلح الظالمون ) قال ذلك
مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق ، وغيرهم .
وقد اختلف القراء في قراءة : ( هيت لك ) فقرأه كثيرون بفتح الهاء ، وإسكان الياء ، وفتح التاء . وقال
ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : معناه : أنها تدعوه إلى نفسها . وقال
علي بن أبي طلحة ، والعوفي ، عن
ابن عباس : ( هيت لك ) تقول : هلم لك . وكذا قال
زر بن حبيش ،
وعكرمة ، والحسن وقتادة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد ، عن
الحسن : وهي كلمة بالسريانية ، أي : عليك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ( هيت لك ) أي : هلم لك ، وهي بالقبطية .
قال
مجاهد : هي لغة عربية تدعوه بها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وقال
عكرمة : ( هيت لك ) هلم لك بالحورانية .
وهكذا ذكره معلقا ، وقد أسنده
الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثني
أحمد بن سهيل الواسطي ، حدثنا
قرة بن عيسى ، حدثنا
النضر بن عربي الجزري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مولى ابن عباس في قوله : ( هيت لك ) قال : هلم لك . قال : هي بالحورانية .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام : وكان
الكسائي يحكي هذه القراءة - يعني : ( هيت لك ) - ويقول : هي لغة ،
لأهل حوران ، وقعت إلى
أهل الحجاز ، معناها : تعال . وقال
أبو عبيد : سألت شيخا عالما من
أهل حوران ، فذكر أنها لغتهم يعرفها .
[ ص: 380 ]
واستشهد
الإمام ابن جرير على هذه القراءة بقول الشاعر
لعلي بن أبى طالب ، رضي الله عنه :
أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتينا إن العراق وأهله
عنق إليك فهيت هيتا
يقول : فتعال واقترب
وقرأ ذلك آخرون : " هئت لك " بكسر الهاء والهمزة ، وضم التاء ، بمعنى : تهيأت لك ، من قول القائل : هئت للأمر أهى هيئة وممن روي عنه هذه القراءة
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبو عبد الرحمن السلمي ، nindex.php?page=showalam&ids=16115وأبو وائل ، وعكرمة ، وقتادة ، وكلهم يفسرها بمعنى : تهيأت لك .
قال
ابن جرير : وكان
أبو عمرو والكسائي ينكران هذه القراءة . وقرأ
عبد الله بن إسحاق هيت " ، " بفتح الهاء وكسر التاء : وهي غريبة .
وقرأ آخرون ، منهم عامة
أهل المدينة " هيت " بفتح الهاء ، وضم التاء ، وأنشد قول الشاعر :
ليس قومي بالأبعدين إذا ما قال داع من العشيرة : هيت
قال
عبد الرزاق : أنبأنا
الثوري ، عن
الأعمش ، عن
أبي وائل قال : قال
ابن مسعود : قد سمعت القرأة فسمعتهم متقاربين ، فاقرءوا كما علمتم ، وإياكم والتنطع والاختلاف ، فإنما هو كقول أحدكم : " هلم " و " تعال " ثم قرأ
عبد الله : ( هيت لك ) فقال : يا
أبا عبد الرحمن ، إن ناسا يقرءونها : " هيت [ لك ] " ؟ فقال
عبد الله : إني أقرؤها كما علمت ، أحب إلي
وقال
ابن جرير : حدثني
ابن وكيع ، حدثنا
ابن عيينة ، عن
منصور ، عن
أبي وائل قال : قال
عبد الله : ( هيت لك ) فقال له
مسروق : إن ناسا يقرءونها : " هيت لك " ؟ فقال : دعوني ، فإني أقرأ كما أقرئت ، أحب إلي
وقال أيضا : حدثني
المثنى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11790آدم بن أبي إياس ، حدثنا
شعبة ، عن
شقيق ، عن
ابن مسعود قال : ( هيت لك ) بنصب الهاء والتاء وبلا همز .
[ ص: 381 ]
وقال آخرون : " هيت لك " ، بكسر الهاء ، وإسكان الياء ، وضم التاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة معمر بن المثنى : " هيت " لا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث ، بل يخاطب الجميع بلفظ واحد ، فيقال : هيت لك ، وهيت لك ، وهيت لكما ، وهيت لكم ، وهيت لهن .