(
واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم ( 25 )
قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ( 26 )
وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين ( 27 )
فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ( 28 )
يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ( 29 ) )
[ ص: 383 ]
يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب ،
يوسف هارب ، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت ، فلحقته في أثناء ذلك ، فأمسكت بقميصه [ من ورائه ] فقدته قدا فظيعا ، يقال : إنه سقط عنه ، واستمر
يوسف هاربا ذاهبا ، وهي في إثره ، فألفيا سيدها - وهو زوجها - عند الباب ، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها ، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة
يوسف بدائها : (
ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ) أي : فاحشة ، (
إلا أن يسجن ) أي : يحبس ، (
أو عذاب أليم ) أي : يضرب ضربا شديدا موجعا . فعند ذلك انتصر
يوسف ، عليه السلام ، بالحق ، وتبرأ مما رمته به من الخيانة ، وقال بارا صادقا (
هي راودتني عن نفسي ) وذكر أنها اتبعته تجذبه إليها حتى قدت قميصه ، (
وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل ) أي : من قدامه ، ( فصدقت ) أي : في قولها إنه أرادها على نفسها ، لأنه يكون لما دعاها وأبت عليه دفعته في صدره ، فقدت قميصه ، فيصح ما قالت : (
وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين ) وذلك يكون كما وقع لما هرب منها ، وتطلبته أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها ، فقدت قميصه من ورائه .
وقد اختلفوا في هذا الشاهد : هل هو صغير أو كبير ، على قولين لعلماء السلف ، فقال
عبد الرزاق :
أخبرنا
إسرائيل ، عن
سماك ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس : (
وشهد شاهد من أهلها ) قال : ذو لحية .
وقال
الثوري ، عن
جابر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
ابن عباس : كان من خاصة الملك . وكذا قال
مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ، nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق : إنه كان رجلا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي : كان ابن عمها .
وقال
ابن عباس : كان من خاصة الملك .
وقد ذكر
ابن إسحاق أن
زليخا كانت بنت أخت الملك
الريان بن الوليد .
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس في قوله : (
وشهد شاهد من أهلها ) قال : كان صبيا في المهد . وكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهلال بن يساف ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بن مزاحم : أنه كان صبيا في الدار . واختاره
ابن جرير .
وقد ورد فيه حديث مرفوع فقال
ابن جرير : حدثنا
الحسن بن محمد ، حدثنا
عفان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد - هو ابن سلمة - أخبرني
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس ، عن النبي -
[ ص: 384 ] صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=821686تكلم أربعة وهم صغار " ، فذكر فيهم شاهد يوسف .
ورواه غيره عن
حماد بن سلمة ، عن
عطاء ، عن
سعيد ، عن
ابن عباس; أنه قال :
تكلم أربعة وهم صغار : ابن
ماشطة بنت فرعون ، وشاهد
يوسف ، وصاحب
جريج ، وعيسى ابن مريم .
وقال
ليث بن أبي سليم ، عن
مجاهد : كان من أمر الله ، ولم يكن إنسيا . وهذا قول غريب .
وقوله : (
فلما رأى قميصه قد من دبر ) أي : فلما تحقق زوجها صدق
يوسف وكذبها فيما قذفته ورمته به ، (
قال إنه من كيدكن ) أي : إن هذا البهت واللطخ الذي لطخت عرض هذا الشاب به من جملة كيدكن ، (
إن كيدكن عظيم )
ثم قال آمرا
ليوسف ، عليه السلام ، بكتمان ما وقع : ( يا يوسف أعرض عن هذا ) أي : اضرب عن هذا [ الأمر ] صفحا ، فلا تذكره لأحد ، (
واستغفري لذنبك ) يقول لامرأته وقد كان لين العريكة سهلا أو أنه عذرها; لأنها رأت ما لا صبر لها عنه ، فقال لها : (
واستغفري لذنبك ) أي : الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب ، ثم قذفه بما هو بريء منه ، استغفري من هذا الذي وقع منك ، (
إنك كنت من الخاطئين )