(
وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين ( 54 )
قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ( 55 ) )
يقول تعالى إخبارا عن الملك حين تحقق براءة
يوسف ، عليه السلام ، ونزاهة عرضه مما نسب إليه ، قال : (
ائتوني به أستخلصه لنفسي ) أي : أجعله من خاصتي وأهل مشورتي ) فلما كلمه ) أي : خاطبه الملك وعرفه ، ورأى فضله وبراعته ، وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمال قال له الملك : (
إنك اليوم لدينا مكين أمين ) أي : إنك عندنا قد بقيت ذا مكانة وأمانة ، فقال
يوسف ، عليه السلام : (
اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) مدح نفسه ، ويجوز للرجل ذلك إذا جهل أمره ، للحاجة . وذكر أنه ) حفيظ ) أي : خازن أمين ، ( عليم ) ذو علم وبصر بما يتولاه .
قال
شيبة بن نعامة : حفيظ لما استودعتني ، عليم بسني الجدب . رواه
ابن أبي حاتم .
وسأل
العمل لعلمه بقدرته عليه ، ولما في ذلك من المصالح للناس وإنما سأل أن يجعل على
[ ص: 396 ] خزائن الأرض ، وهي الأهرام التي يجمع فيها الغلات ، لما يستقبلونه من السنين التي أخبرهم بشأنها ، ليتصرف لهم على الوجه الأحوط والأصلح والأرشد ، فأجيب إلى ذلك رغبة فيه ، وتكرمة له; ولهذا قال تعالى :