(
وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ( 56 )
ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ( 57 ) )
يقول تعالى : (
وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ) أي : أرض
مصر ، (
يتبوأ منها حيث يشاء )
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : يتصرف فيها كيف يشاء .
وقال
ابن جرير : يتخذ منها منزلا حيث يشاء بعد الضيق والحبس والإسار . (
نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ) أي : وما أضعنا صبر
يوسف على أذى إخوته ، وصبره على الحبس بسبب امرأة العزيز; فلهذا أعقبه الله عز وجل السلامة والنصر والتأييد (
ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون ) يخبر تعالى أن ما ادخره الله لنبيه
يوسف ، عليه السلام ، في الدار الآخرة أعظم وأكثر وأجل ، مما خوله من التصرف والنفوذ في الدنيا كما قال تعالى في حق
سليمان ، عليه السلام : (
هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ) [ ص : 39 ، 40 ] .
والغرض أن
يوسف ، عليه السلام ، ولاه ملك
مصر الريان بن الوليد الوزارة في بلاد
مصر مكان الذي اشتراه من
مصر زوج التي راودته ، وأسلم الملك على يدي
يوسف ، عليه السلام .
قاله
مجاهد . وقال
محمد بن إسحاق لما قال
يوسف للملك : (
اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) قال الملك : قد فعلت . فولاه فيما ذكروا عمل
إطفير وعزل
إطفير عما كان عليه ، يقول الله عز وجل : (
وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ) فذكر لي - والله أعلم - أن
إطفير هلك في تلك الليالي ، وأن الملك
الريان بن الوليد زوج
يوسف امرأة
إطفير راعيل ، وأنها حين دخلت عليه قال : أليس هذا خيرا مما كنت تريدين ؟ قال : فيزعمون أنها قالت : أيها الصديق ، لا تلمني ، فإني كنت امرأة كما ترى حسناء جميلة ، ناعمة في ملك ودنيا ، وكان صاحبي لا يأتي النساء ، وكنت كما جعلك الله في حسنك وهيئتك على ما رأيت ، فيزعمون أنه وجدها عذراء ، فأصابها فولدت له رجلين
أفرائيم بن يوسف ،
وميشا بن [ ص: 397 ] يوسف وولد
لأفرائيم نون ، والد
يوشع بن نون ،
ورحمة امرأة أيوب ، عليه السلام .
وقال
الفضيل بن عياض : وقفت امرأة العزيز على ظهر الطريق ، حتى مر
يوسف ، فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ، والملوك عبيدا بمعصيته .