[ ص: 418 ] (
وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ( 105 )
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ( 106 )
أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون ( 107 ) )
يخبر تعالى عن [ غفلة ] أكثر الناس عن التفكر في آيات الله ودلائل توحيده ، بما خلقه الله في السموات والأرض من كواكب زاهرات ثوابت ، وسيارات وأفلاك دائرات ، والجميع مسخرات ، وكم في الأرض من قطع متجاورات وحدائق وجنات وجبال راسيات ، وبحار زاخرات ، وأمواج متلاطمات ، وقفار شاسعات ، وكم من أحياء وأموات ، وحيوان ونبات ، وثمرات متشابهة ومختلفات ، في الطعوم والروائح والألوان والصفات ، فسبحان الواحد الأحد ، خالق أنواع المخلوقات ، المتفرد بالدوام والبقاء والصمدية ذي الأسماء والصفات .
وقوله : (
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) قال
ابن عباس : من إيمانهم ، إذا قيل لهم : من خلق السموات ؟ ومن خلق الأرض ؟ ومن خلق الجبال ؟ قالوا : " الله " ، وهم مشركون به . وكذا قال
مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وقتادة ، والضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وهكذا في الصحيحين أن المشركين كانوا يقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك . وفي الصحيح : أنهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=825526كانوا إذا قالوا : " لبيك لا شريك لك " يقول رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " قد قد " ، أي حسب حسب ، لا تزيدوا على هذا .
وقال الله تعالى : (
إن الشرك لظلم عظيم ) [ لقمان : 13 ] وهذا هو الشرك الأعظم الذي يعبد مع الله غيره ، كما في الصحيحين .
nindex.php?page=hadith&LINKID=821699عن ابن مسعود قلت : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله ندا وهو خلقك " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري في قوله : (
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) قال : ذلك المنافق يعمل إذا عمل رياء الناس ، وهو مشرك بعمله ذاك ، يعني قوله تعالى : (
إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ) [ النساء : 142 ] .
وثم شرك آخر خفي لا يشعر به غالبا فاعله ، كما روى
حماد بن سلمة ، عن
عاصم بن أبي النجود ، عن
عروة قال : دخل
حذيفة على مريض ، فرأى في عضده سيرا فقطعه - أو انتزعه - ثم قال : (
وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )
[ ص: 419 ]
وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821700 " من حلف بغير الله فقد أشرك " . رواه
الترمذي وحسنه من رواية
ابن عمر
وفي الحديث الذي رواه
أحمد وأبو داود وغيره ، عن
ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821701 " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " .
وفي لفظ لهما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821702 " [ الطيرة شرك ] وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل " .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بأبسط من هذا فقال : حدثنا
أبو معاوية ، حدثنا
الأعمش ، عن
عمرو بن مرة ، عن
يحيى الجزار عن ابن أخي ، زينب [ عن
زينب ] امرأة عبد الله بن مسعود قالت : كان
عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهية أن يهجم منا على أمر يكرهه ، قالت : وإنه جاء ذات يوم فتنحنح وعندي عجوز ترقيني من الحمرة فأدخلتها تحت السرير ، قالت : فدخل فجلس إلى جانبي ، فرأى في عنقي خيطا ، قال : ما هذا الخيط ؟ قالت : قلت : خيط رقي لي فيه . قالت : فأخذه فقطعه ، ثم قال : إن آل
عبد الله لأغنياء عن الشرك ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821701 " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " . قالت : قلت له : لم تقول هذا وقد كانت عيني تقذف ، فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها ، فكان إذا رقاها سكنت ؟ قال : إنما ذاك من الشيطان . كان ينخسها بيده ، فإذا رقيتها كف عنها : إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821703 " أذهب البأس رب الناس ، اشف وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما " .
وفي حديث آخر رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ، عن
عيسى بن عبد الرحمن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821704دخلنا على عبد الله بن عكيم وهو مريض نعوده ، فقيل له : تعلقت شيئا ؟ فقال : أتعلق شيئا! وقد قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " من تعلق شيئا وكل إليه " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وفي مسند
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، من حديث
عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821705 " من علق تميمة [ ص: 420 ] فقد أشرك " وفي رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821706 " من تعلق تميمة فلا أتم الله له ، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له "
وعن
العلاء ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820615 " قال الله : أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، ومن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " . رواه
مسلم .
وعن
أبي سعيد بن أبي فضالة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821707 " إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ، ينادي مناد : من كان أشرك في عمل عمله لله فليطلب ثوابه من عند غير الله ، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك " . رواه
أحمد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
يونس ، حدثنا
ليث ، عن
يزيد - يعني : ابن الهاد - عن
عمرو ، عن
محمود بن لبيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821708 " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر " . قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : " الرياء ، يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء " .
وقد رواه
إسماعيل بن جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، عن
محمود بن لبيد ، به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
حسن ، أنبأنا
ابن لهيعة ، أنبأنا
ابن هبيرة ، عن
أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821709 " من ردته الطيرة عن حاجة ، فقد أشرك " . قالوا : يا رسول الله ، ما كفارة ذلك ؟ قال : " أن يقول أحدهم : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16486عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، عن
أبي علي - رجل من بني كاهل - قال : خطبنا
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري فقال : يا أيها الناس ، اتقوا هذا الشرك ، فإنه أخفى من دبيب النمل . فقام
عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقالا والله لتخرجن مما قلت أو لنأتين
عمر مأذونا لنا أو غير مأذون ، قال : بل أخرج مما قلت ، خطبنا رسول
[ ص: 421 ] الله صلى الله عليه وسلم [ ذات يوم ] فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821710 " يا أيها الناس ، اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل " . فقال له من شاء الله أن يقول : فكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ قال : " قولوا : اللهم إنا نعوذ بك [ من ] أن نشرك بك شيئا نعلمه ، ونستغفرك لما لا نعلمه " .
وقد روي من وجه آخر ، وفيه أن السائل في ذلك هو
الصديق ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12201الحافظ أبو يعلى الموصلي ، من حديث
عبد العزيز بن مسلم ، عن
ليث بن أبي سليم ، عن
أبي محمد ، عن
معقل بن يسار قال : شهدت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال : حدثني
أبو بكر الصديق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825527 " الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل " . فقال أبو بكر : وهل الشرك إلا من دعا مع الله إلها آخر ؟ فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل " . ثم قال : " ألا أدلك على ما يذهب عنك صغير ذلك وكبيره ؟ قل : اللهم ، أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك مما لا أعلم " .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13890الحافظ أبو القاسم البغوي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير ، عن
الثوري ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825528 " الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا " . قال : فقال أبو بكر : يا رسول الله ، فكيف النجاة والمخرج من ذلك ؟ فقال : " ألا أخبرك بشيء إذا قلته برئت من قليله وكثيره وصغيره وكبيره ؟ " . قال : بلى ، يا رسول الله ، قال : " قل : اللهم ، إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني :
nindex.php?page=showalam&ids=17330يحيى بن كثير هذا يقال له : "
أبو النضر " ، متروك الحديث .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وصححه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، من حديث
يعلى بن عطاء ، سمعت
عمرو بن عاصم سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821711قال أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه : يا رسول الله ، علمني شيئا أقوله إذا أصبحت ، وإذا أمسيت ، وإذا أخذت مضجعي . قال : " قل : اللهم ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن شر الشيطان وشركه " .
وزاد
أحمد في رواية له من حديث
ليث من
أبي سليم ، [ عن
مجاهد ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق قال :
[ ص: 422 ] أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول . . . فذكر هذا الدعاء وزاد في آخره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=821712 " وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم " .
وقوله : (
أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون ) أي : أفأمن هؤلاء المشركون [ بالله ] أن يأتيهم أمر يغشاهم من حيث لا يشعرون ، كما قال تعالى : (
أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم ) [ النحل : 45 - 47 ] وقال تعالى : (
أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) [ الأعراف : 97 - 99 ] .