[ ص: 472 ] (
وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ( 40 )
أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ( 41 ) )
يقول تعالى لرسوله : (
وإن ما نرينك ) يا محمد (
بعض الذي نعدهم ) أي : نعد أعداءك من الخزي والنكال في الدنيا ، (
أو نتوفينك ) [ أي ] قبل ذلك ، (
فإنما عليك البلاغ ) أي : إنما أرسلناك لتبلغهم رسالة الله وقد بلغت ما أمرت به ، (
وعلينا الحساب ) أي : حسابهم وجزاؤهم ، كما قال تعالى : (
فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) [ الغاشية : 21 - 26 ] .
وقوله : (
أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) قال
ابن عباس : أو لم يروا أنا نفتح
لمحمد الأرض بعد الأرض ؟
وقال في رواية : أو لم يروا إلى القرية تخرب ، حتى يكون العمران في ناحية ؟
وقال
مجاهد وعكرمة : (
ننقصها من أطرافها ) قال : خرابها .
وقال
الحسن والضحاك : هو ظهور المسلمين على المشركين .
وقال
العوفي عن
ابن عباس : نقصان أهلها وبركتها .
وقال
مجاهد :
نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض .
وقال
الشعبي : لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك ، ولكن تنقص الأنفس والثمرات . وكذا قال
عكرمة : لو كانت الأرض تنقص لم تجد مكانا تقعد فيه ، ولكن هو الموت .
وقال
ابن عباس في رواية : خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها . وكذا قال
مجاهد أيضا : هو موت العلماء .
وفي هذا المعنى روى
nindex.php?page=showalam&ids=13359الحافظ ابن عساكر في ترجمة
أحمد بن عبد العزيز أبي القاسم المصري الواعظ سكن
أصبهان ، حدثنا
أبو محمد طلحة بن أسد المرئي بدمشق ، أنشدنا
أبو بكر الآجرى بمكة قال : أنشدنا
أحمد بن غزال لنفسه :
الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها
وإن أبى عاد في أكنافها التلف
[ ص: 473 ]
والقول الأول أولى ، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية ، [ وكفرا بعد كفر ، كما قال تعالى : (
ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) [ الأحقاف : 27 ] الآية ، وهذا اختيار ابن جرير ، رحمه الله ]