[ ص: 515 ] (
ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ( 42 )
مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ( 43 )
وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب )
يقول [ تعالى شأنه ] ( ولا تحسبن الله ) يا
محمد (
غافلا عما يعمل الظالمون ) أي : لا تحسبه إذ أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم مهمل لهم ، لا يعاقبهم على صنعهم بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عدا أي : (
إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) أي : من شدة الأهوال يوم القيامة .
ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم ومجيئهم إلى قيام المحشر فقال : ( مهطعين ) أي : مسرعين ، كما قال تعالى : (
مهطعين إلى الداع [ يقول الكافرون هذا يوم عسر ] ) [ القمر : 8 ] وقال تعالى : (
يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) إلى قوله : (
وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ) [ طه : 198 - 111 ] وقال تعالى : (
يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون ) [ المعارج : 43 ] .
وقوله : (
مقنعي رءوسهم ) قال
ابن عباس ،
ومجاهد وغير واحد : رافعي رءوسهم .
(
لا يرتد إليهم طرفهم ) أي : [ بل ] أبصارهم طائرة شاخصة ، يديمون النظر لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحل بهم ، عياذا بالله العظيم من ذلك ; ولهذا قال : (
وأفئدتهم هواء ) أي : وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة [ الفزع و ] الوجل والخوف . ولهذا قال
قتادة وجماعة : إن أمكنة أفئدتهم خالية لأن القلوب لدى الحناجر قد خرجت من أماكنها من شدة الخوف . وقال بعضهم : ( هواء ) خراب لا تعي شيئا .