(
ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ( 87 )
لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ( 88 ) )
يقول تعالى لنبيه : كما آتيناك القرآن العظيم ، فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها ، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه ، فلا تغبطهم بما هم فيه ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزنا عليهم في تكذيبهم لك ، ومخالفتهم دينك . (
واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) [ الشعراء : 215 ] أي : ألن لهم جانبك كما قال تعالى : (
لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) [ التوبة : 128 ]
وقد اختلف في
السبع المثاني : ما هي ؟
فقال
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والضحاك وغير واحد : هي السبع الطول . يعنون : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، ويونس ، نص عليه
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير .
وقال
سعيد : بين فيهن الفرائض ، والحدود ، والقصص ، والأحكام .
وقال
ابن عباس : بين الأمثال والخبر والعبر
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14771ابن أبي عمر قال : قال
سفيان : ( المثاني ) المثنى : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال وبراءة سورة واحدة .
قال
ابن عباس : ولم يعطهن أحد إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطي
موسى منهن ثنتين .
رواه
هشيم ، عن
الحجاج ، عن
الوليد بن العيزار عن
سعيد بن جبير عنه .
[ و ] قال
الأعمش ، عن
مسلم البطين ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس قال : أوتي النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعا من المثاني الطول ، وأوتي
موسى - عليه السلام - ستا ، فلما ألقى الألواح ارتفع اثنتان وبقيت أربع .
[ ص: 547 ]
وقال
مجاهد : هي السبع الطول . ويقال : هي القرآن العظيم .
وقال
خصيف ، عن
زياد بن أبي مريم في قوله تعالى : (
سبعا من المثاني ) قال : أعطيتك سبعة أجزاء : آمر ، وأنهى ، وأبشر وأنذر ، وأضرب الأمثال ، وأعدد النعم ، وأنبئك بنبأ القرآن . رواه
ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم .
والقول الثاني : أنها الفاتحة ، وهي سبع آيات . روي ذلك عن
عمر وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . قال
ابن عباس : والبسملة هي الآية السابعة ، وقد خصكم الله بها . وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12186وعبد الله بن عبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16128وشهر بن حوشب ،
والحسن البصري ،
ومجاهد .
وقال
قتادة : ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب ، وأنهن يثنين في كل قراءة . وفي رواية : في كل ركعة مكتوبة أو تطوع .
واختاره
ابن جرير ، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك ، وقد قدمناها في فضائل سورة " الفاتحة " في أول التفسير ، ولله الحمد .
وقد أورد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - هاهنا حديثين :
أحدهما : قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
غندر ، حدثنا
شعبة ، عن
خبيب بن عبد الرحمن ، عن
حفص بن عاصم ، عن
أبي سعيد بن المعلى قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501179مر بي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أصلي ، فدعاني فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال : " ما منعك أن تأتيني ؟ " . فقلت : كنت أصلي . فقال : " ألم يقل الله : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ) [ الأنفال : 24 ] ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد ؟ " فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخرج ، فذكرته فقال : " ( الحمد لله رب العالمين ) [ الفاتحة : 2 ] هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته "
[ و ] الثاني : قال : حدثنا
آدم ، حدثنا
ابن أبي ذئب ، حدثنا
المقبري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=823795 " أم القرآن هي : السبع المثاني والقرآن العظيم "
فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم ، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطول بذلك ، لما فيها من هذه الصفة ، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضا ، كما قال تعالى : (
الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ) [ الزمر : 23 ] فهو مثاني من وجه ، ومتشابه من وجه ، وهو القرآن العظيم أيضا ، كما أنه - عليه السلام - لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى ، فأشار إلى مسجده ، والآية نزلت في
مسجد قباء ، فلا تنافي ، فإن ذكر الشيء لا ينفي
[ ص: 548 ] ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة ، والله أعلم .
وقوله : (
لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) أي : استغن بما آتاك الله من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية .
ومن هاهنا ذهب
ابن عيينة إلى تفسير الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=820065 " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " إلى أنه يستغنى به عما عداه ، وهو تفسير صحيح ، ولكن ليس هو المقصود من الحديث ، كما تقدم في أول التفسير .
وقال
ابن أبي حاتم : ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح ، حدثنا
موسى بن عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17368يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن
أبي رافع صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=825585أضاف النبي - صلى الله عليه وسلم - ضيفا ولم يكن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - شيء يصلحه ، فأرسل إلى رجل من اليهود : يقول لك محمد رسول الله : أسلفني دقيقا إلى هلال رجب . قال : لا إلا برهن . فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - [ فأخبرته ] فقال : " أما والله إني لأمين من في السماء وأمين من في الأرض ولئن أسلفني أو باعني لأؤدين إليه " . فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية : ( ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ) إلى آخر الآية . [ طه : 131 ] كأنه يعزيه عن الدنيا
وقال
العوفي ، عن
ابن عباس : (
لا تمدن عينيك ) قال : نهي الرجل أن يتمنى مال صاحبه .
وقال
مجاهد : (
إلى ما متعنا به أزواجا منهم ) هم الأغنياء .