تفسير سورة النحل وهي مكية .
[ ص: 555 ] أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون ينزل )
يخبر تعالى عن
اقتراب الساعة ودنوها معبرا بصيغة الماضي الدال على التحقق والوقوع لا محالة [ كما قال تعالى ] : (
اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) [ الأنبياء : 1 ] وقال : (
اقتربت الساعة وانشق القمر ) [ القمر : 1 ] .
وقوله : (
فلا تستعجلوه ) أي : قرب ما تباعد فلا تستعجلوه .
يحتمل أن يعود الضمير على الله ، ويحتمل أن يعود على العذاب ، وكلاهما متلازم ، كما قال تعالى : (
ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) [ العنكبوت : 53 ، 54 ] .
وقد ذهب
الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب ، فقال في قوله : (
أتى أمر الله ) أي : فرائضه وحدوده .
وقد رده
ابن جرير فقال : لا نعلم أحدا استعجل الفرائض والشرائع قبل وجودها بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه ، استبعادا وتكذيبا .
قلت : كما قال تعالى : (
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ) [ الشورى : 18 ] .
وقال
ابن أبي حاتم : ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، عن
محمد بن عبد الله - مولى المغيرة بن شعبة - عن
كعب بن علقمة ، عن
عبد الرحمن بن حجيرة ، عن
عقبة بن عامر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=825588تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس ، فما تزال ترتفع في السماء ، ثم ينادي مناد فيها : يا أيها الناس ، فيقبل الناس بعضهم على بعض : هل سمعتم ؟ فمنهم من يقول : نعم ، ومنهم من يشك ، ثم ينادي الثانية : يا أيها الناس ، فيقول الناس بعضهم لبعض : هل سمعتم ؟ فيقولون : نعم ، ثم ينادي الثالثة : يا أيها الناس ، أتى أمر الله فلا تستعجلوه . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فوالذي نفسي بيده ، إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا ، وإن الرجل ليمدن حوضه فما يسقي فيه شيئا أبدا ، وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدا - قال - ويشتغل الناس .
[ ص: 556 ] ثم
إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيره ، وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد ، تعالى وتقدس علوا كبيرا ، وهؤلاء هم المكذبون بالساعة ، فقال : (
سبحانه وتعالى عما يشركون ) .