(
والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ( 41 )
الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ( 42 ) )
يخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين في سبيله ابتغاء مرضاته ، الذين فارقوا الدار والإخوان والخلان رجاء ثواب الله وجزائه .
ويحتمل أن يكون سبب نزول هذه الآية الكريمة في مهاجرة
الحبشة الذين اشتد أذى قومهم لهم
بمكة ، حتى خرجوا من بين أظهرهم إلى بلاد
الحبشة ، ليتمكنوا من عبادة ربهم ، ومن أشرافهم :
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، ومعه زوجته
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=315، وجعفر بن أبي طالب ، ابن عم الرسول
nindex.php?page=showalam&ids=233وأبو سلمة بن عبد الأسد في جماعة قريب من ثمانين ، ما بين رجل وامرأة ، صديق وصديقة ، رضي الله عنهم وأرضاهم . وقد فعل فوعدهم تعالى بالمجازاة الحسنة في الدنيا والآخرة فقال : (
لنبوئنهم في الدنيا حسنة ) قال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وقتادة :
المدينة . وقيل : الرزق الطيب ، قاله
مجاهد .
ولا منافاة بين القولين ، فإنهم تركوا مساكنهم وأموالهم فعوضهم الله خيرا منها في الدنيا ، فإن من ترك شيئا لله عوضه الله بما هو خير له منه وكذلك وقع فإنهم مكن الله لهم في البلاد
[ ص: 573 ] وحكمهم على رقاب العباد ، فصاروا أمراء حكاما ، وكل منهم للمتقين إماما ، وأخبر أن ثوابه للمهاجرين في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا ، فقال : (
ولأجر الآخرة أكبر ) أي : مما أعطيناهم في الدنيا (
لو كانوا يعلمون ) أي : لو كان المتخلفون عن الهجرة معهم يعلمون ما ادخر الله لمن أطاعه واتبع رسوله ; ولهذا قال
هشيم ، عن
العوام ، عمن حدثه أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا أعطى الرجل من
المهاجرين عطاءه يقول : خذ بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله في الدنيا ، وما ادخر لك في الآخرة أفضل ، ثم قرأ هذه الآية : (
لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) .
ثم وصفهم تعالى فقال : (
الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ) أي : صبروا على أقل من آذاهم من قومهم ، متوكلين على الله الذي أحسن لهم العاقبة في الدنيا والآخرة .