وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ( 63 )
ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ( 64 ) )
يقول تعالى مذكرا
بني إسرائيل ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق بالإيمان به وحده لا شريك له واتباع رسله ، وأخبر تعالى أنه لما أخذ عليهم الميثاق رفع الجبل على رؤوسهم ليقروا بما عوهدوا عليه ، ويأخذوه بقوة وحزم وهمة وامتثال كما قال تعالى : (
وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون ) [ الأعراف : 171 ] الطور هو الجبل ، كما فسره بآية الأعراف ، ونص على ذلك
ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء وعكرمة والحسن والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، وغير واحد ، وهذا ظاهر .
وفي رواية عن
ابن عباس : الطور ما أنبت من الجبال ، وما لم ينبت فليس بطور .
وفي حديث الفتون : عن
ابن عباس : أنهم لما امتنعوا عن الطاعة رفع عليهم الجبل ليسمعوا [ فسجدوا ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : فلما أبوا أن يسجدوا أمر الله الجبل أن يقع عليهم ، فنظروا إليه وقد غشيهم ،
[ ص: 288 ]
فسقطوا سجدا [ فسجدوا ] على شق ، ونظروا بالشق الآخر ، فرحمهم الله فكشفه عنهم ، فقالوا والله ما سجدة أحب إلى الله من سجدة كشف بها العذاب عنهم ، فهم يسجدون كذلك ، وذلك قوله تعالى : (
ورفعنا فوقكم الطور ) .
وقال
الحسن في قوله : (
خذوا ما آتيناكم بقوة ) يعني التوراة .
وقال
أبو العالية ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس : ( بقوة ) أي بطاعة . وقال
مجاهد : بقوة : بعمل بما فيه . وقال
قتادة (
خذوا ما آتيناكم بقوة ) القوة : الجد وإلا قذفته عليكم .
قال : فأقروا بذلك : أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة . ومعنى قوله : وإلا قذفته عليكم ، أي أسقطته عليكم ، يعني الجبل .
وقال
أبو العالية والربيع : (
واذكروا ما فيه ) يقول : اقرؤوا ما في التوراة واعملوا به .
وقوله تعالى : (
ثم توليتم من بعد ذلك ) يقول تعالى : ثم بعد هذا الميثاق المؤكد العظيم توليتم عنه وانثنيتم ونقضتموه (
فلولا فضل الله عليكم ورحمته ) أي : توبته عليكم وإرساله النبيين والمرسلين إليكم (
لكنتم من الخاسرين ) بنقضكم ذلك الميثاق في الدنيا والآخرة .