(
ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ( 89 ) )
يقول تعالى مخاطبا عبده ورسوله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - : (
ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ) يعني أمته .
أي : اذكر ذلك اليوم وهوله وما منحك الله فيه من الشرف العظيم والمقام الرفيع . وهذه الآية شبيهة بالآية التي انتهى إليها
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود حين قرأ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدر سورة " النساء " فلما وصل إلى قوله تعالى : (
فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) [ النساء : 41 ] . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حسبك " . قال
ابن مسعود - رضي الله عنه - : فالتفت فإذا عيناه تذرفان .
وقوله : (
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) قال
ابن مسعود : [ و ] قد بين لنا في هذا القرآن كل علم ، وكل شيء .
وقال
مجاهد : كل حلال وحرام .
وقول
ابن مسعود أعم وأشمل ; فإن
القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق ، وعلم ما سيأتي ، وحكم كل حلال وحرام ، وما الناس إليه محتاجون في أمر دنياهم ودينهم ، ومعاشهم
[ ص: 595 ] ومعادهم .
( وهدى ) أي : للقلوب ، (
ورحمة وبشرى للمسلمين )
وقال
الأوزاعي : (
ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ) أي : بالسنة .
ووجه اقتران قوله : (
ونزلنا عليك الكتاب ) مع قوله : (
وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ) أن المراد - والله أعلم - : إن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب - الذي أنزله عليك - سائلك عن ذلك يوم القيامة ، (
فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) [ الأعراف : 6 ] (
فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ] (
يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ) [ المائدة : 109 ] وقال تعالى : (
إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) [ القصص : 85 ] أي : إن الذي أوجب عليك تبليغ القرآن لرادك إليه ، ومعيدك يوم القيامة ، وسائلك عن أداء ما فرض عليك . هذا أحد الأقوال ، وهو متجه حسن .