(
وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( 118 )
ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ( 119 ) )
لما
ذكر تعالى أنه إنما حرم علينا الميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله به ، وأنه أرخص فيه عند الضرورة - وفي ذلك توسعة لهذه الأمة التي يريد الله بها اليسر ولا يريد بها العسر - ذكر سبحانه وتعالى ما كان حرمه على اليهود في شريعتهم قبل أن ينسخها ، وما كانوا فيه من الآصار والأغلال والحرج والتضييق ، فقال : (
وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل ) يعني : في " سورة الأنعام " في قوله : (
وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما [ أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ] ) [ الأنعام : 146 ] ; ولهذا قال هاهنا : (
وما ظلمناهم ) أي : فيما ضيقنا عليهم ، (
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) أي : فاستحقوا ذلك ، كما قال : (
فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا ) [ النساء : 160 ] .
ثم أخبر تعالى - تكرما وامتنانا في حق العصاة المؤمنين - أن من تاب منهم إليه تاب عليه ، فقال : (
ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ) قال بعض السلف : كل من عصى الله فهو جاهل .
(
ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ) أي : أقلعوا عما كانوا فيه من المعاصي ، وأقبلوا على فعل الطاعات ، (
إن ربك من بعدها ) أي : تلك الفعلة والذلة (
لغفور رحيم )