[ ص: 476 ] القول في
تأويل قوله ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : أم يحسدون الناس : أم يحسد هؤلاء الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من
اليهود كما : -
9812 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم ، عن
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله : أم يحسدون الناس ، قال :
يهود .
9813 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد مثله .
9814 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة مثله .
وأما قوله : الناس ، فإن أهل التأويل اختلفوا فيمن عنى الله به .
فقال بعضهم : عنى الله بذلك
محمدا - صلى الله عليه وسلم - خاصة .
ذكر من قال ذلك :
9815 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط قال : أخبرنا
هشيم ، عن
خالد ، عن
عكرمة في قوله :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله قال : الناس في هذا الموضع النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة .
9816 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثني
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : يعني
محمدا - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 477 ]
9817 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس مثله .
9818 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله قال : الناس :
محمد - صلى الله عليه وسلم - .
9819 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول ، أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول ، فذكر نحوه .
وقال آخرون : بل عنى الله به العرب .
ذكر من قال ذلك :
9820 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : أولئك
اليهود ، حسدوا هذا الحي من العرب على ما آتاهم الله من فضله .
قال
أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله عاتب
اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآيات ، فقال لهم في قيلهم للمشركين من عبدة الأوثان إنهم أهدى من
محمد وأصحابه سبيلا على علم منهم بأنهم في قيلهم ما قالوا من ذلك كذبة : أتحسدون
محمدا وأصحابه على ما آتاهم الله من فضله .
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ؛ لأن ما قبل قوله :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : مضى بذم القائلين من
اليهود للذين كفروا : هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ، فإلحاق قوله : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله بذمهم على ذلك ، وتقريظ الذين آمنوا الذين قيل فيهم ما قيل أشبه
[ ص: 478 ] وأولى ، ما لم تأت دلالة على انصراف معناه عن معنى ذلك .
واختلف أهل التأويل في تأويل الفضل الذي أخبر الله أنه آتى الذين ذكرهم في قوله : " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " . فقال بعضهم : ذلك الفضل هو النبوة .
ذكر من قال ذلك :
9821 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : حسدوا هذا الحي من العرب على ما آتاهم الله من فضله ، بعث الله منهم نبيا فحسدوهم على ذلك .
9822 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : على ما آتاهم الله من فضله ، قال : النبوة .
وقال آخرون : بل ذلك الفضل الذي ذكر الله أنه آتاهموه ، هو إباحته ما أباح لنبيه
محمد - صلى الله عليه وسلم - من النساء ينكح منهن ما شاء بغير عدد . قالوا : وإنما يعني : ب " الناس " ،
محمدا - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكرت قبل .
ذكر من قال ذلك :
9823 - حدثني
محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " الآية ، وذلك أن أهل الكتاب قالوا : زعم
محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع ، وله تسع نسوة ، ليس همه إلا النكاح فأي ملك أفضل من هذا ؟ ! فقال الله : أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله " .
9824 - حدثني
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن مفضل قال : حدثنا
[ ص: 479 ] أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : يعني :
محمدا ، أن ينكح ما شاء من النساء .
9825 - حدثت عن
الحسين بن الفرج قال : سمعت
أبا معاذ يقول ، أخبرنا
عبيد بن سليمان قال : سمعت
الضحاك يقول في قوله :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله : وذلك أن
اليهود قالوا : ما شأن
محمد أعطي النبوة كما يزعم ، وهو جائع عار ، وليس له هم إلا نكاح النساء ؟ . فحسدوه على تزويج الأزواج ، وأحل الله
لمحمد أن ينكح منهن ما شاء أن ينكح .
قال
أبو جعفر : وأولى التأويلين في ذلك بالصواب قول
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج الذي ذكرناه قبل ، أن معنى الفضل في هذا الموضع : النبوة التي فضل الله بها
محمدا ، وشرف بها العرب ، إذ آتاها رجلا منهم دون غيرهم ؛ لما ذكرنا من أن دلالة ظاهر هذه الآية تدل على أنها تقريظ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رحمة الله عليهم - على ما قد بينا قبل . وليس النكاح وتزويج النساء - وإن كان من فضل الله جل ثناؤه الذي آتاه عباده - بتقريظ لهم ومدح .