[ ص: 558 ] القول في تأويل قوله (
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك )
قال
أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ما يصيبك يا
محمد من رخاء ونعمة وعافية وسلامة فمن فضل الله عليك ، يتفضل به عليك إحسانا منه إليك ، وأما قوله :
وما أصابك من سيئة فمن نفسك يعني : وما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه " فمن نفسك " يعني : بذنب استوجبتها به ، اكتسبته نفسك ، كما : -
9968 - حدثنا
محمد بن الحسين قال : حدثنا
أحمد بن المفضل قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك : أما " من نفسك " فيقول : من ذنبك .
9969 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك : عقوبة يا ابن آدم بذنبك . قال : وذكر لنا أن
نبي الله صلى - الله عليه وسلم - كان يقول : لا يصيب رجلا خدش عود ، ولا عثرة قدم ، ولا اختلاج عرق إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر .
9970 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله قال : حدثني
معاوية ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس قوله :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك : يقول : الحسنة ما فتح الله عليه يوم بدر ، وما أصابه من الغنيمة والفتح ، والسيئة : ما أصابه يوم أحد ، أن شج في وجهه وكسرت رباعيته .
[ ص: 559 ]
9971 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك : يقول : بذنبك ثم قال : كل من عند الله : النعم والمصيبات .
9972 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
عبد الرحمن بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12483وابن أبي جعفر قالا : حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية قوله :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك قال : هذه في الحسنات والسيئات .
9973 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
أبي جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية مثله .
9974 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، قال : عقوبة بذنبك .
9975 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك : بذنبك ، كما قال لأهل أحد : (
أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ) [ سورة آل عمران : 165 ] ، بذنوبكم .
9976 - حدثني
يونس قال : حدثنا
سفيان ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي صالح في قوله : " وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، قال : بذنبك ، وأنا قدرتها عليك .
9977 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار قال : حدثنا
يحيى ، عن
سفيان ، عن
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي صالح في قوله :
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك : وأنا الذي قدرتها عليك .
[ ص: 560 ]
9978 - حدثني
موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال : حدثنا
محمد بن بشر قال : حدثنيه
إسماعيل بن أبي خالد ، عن
أبي صالح بمثله .
قال
أبو جعفر : فإن قال قائل : وما وجه دخول " من " في قوله : "
ما أصابك من حسنة " " ومن سيئة " ؟
قيل : اختلف في ذلك أهل العربية .
فقال بعض نحويي
البصرة : أدخلت " من " ؛ لأن " من " تحسن مع النفي ، مثل : ما جاءني من أحد . قال : ودخول الخبر بالفاء ؛ لأن " ما " بمنزلة " من " .
وقال بعض نحويي
الكوفة : أدخلت " من " مع " ما " كما تدخل على " إن " في الجزاء ؛ لأنهما حرفا جزاء . وكذلك تدخل مع " من " إذا كانت جزاء ، فتقول العرب : من يزرك من أحد فتكرمه ، كما تقول : إن يزرك من أحد فتكرمه " . قال : وأدخلوها مع " ما " ومن " ؛ ليعلم بدخولها معهما أنهما جزاء . قالوا : وإذا دخلت معهما لم تحذف ؛ لأنها إذا حذفت صار الفعل رافعا شيئين ، وذلك أن " ما " في قوله : " ما أصابك من سيئة " رفع بقوله : " أصابك " فلو حذفت " من " رفع قوله : " أصابك " " السيئة" ؛ لأن معناه : إن تصبك سيئة ، فلم يجز حذف " من " لذلك ؛ لأن الفعل الذي هو على " فعل " أو " يفعل " لا يرفع شيئين . وجاز ذلك مع " من " ؛ لأنها تشتبه بالصفات ، وهي في موضع اسم . فأما " إن " فإن " من " تدخل معها وتخرج ، ولا تخرج مع " أي " ؛ لأنها تعرب فيبين فيها الإعراب ، ودخلت مع " ما " ؛ لأن الإعراب لا يظهر فيها .