القول في تأويل قوله (
فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة )
اختلف أهل التأويل فيمن عنى بهذه الآية .
فقال بعضهم : عنى بها
عبد الله بن أبي ابن سلول .
ذكر من قال ذلك :
12166 - حدثنا
أبو كريب قال ، حدثنا
ابن إدريس قال ، سمعت أبي ، عن
عطية بن سعد : "
فترى الذين في قلوبهم مرض " ،
عبد الله بن أبي "يسارعون
[ ص: 403 ] فيهم " ، في ولايتهم "
يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، إلى آخر الآية : "
فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " .
12167 - حدثنا
هناد قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير قال ، حدثنا
ابن إسحاق قال ، حدثني والدي
إسحاق بن يسار ، عن
عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت : "
فترى الذين في قلوبهم مرض " ، يعني
عبد الله بن أبي "
يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، لقوله : إني أخشى دائرة تصيبني!
وقال آخرون : بل عني بذلك قوم من المنافقين كانوا يناصحون
اليهود ويغشون المؤمنين ، ويقولون : "نخشى أن تكون الدائرة
لليهود على المؤمنين"!
ذكر من قال ذلك :
12168 - حدثني
محمد بن عمرو قال ، حدثنا
أبو عاصم قال ، حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله تعالى ذكره : "
فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم " ، قال : المنافقون ، في مصانعة يهود ، ومناجاتهم ، واسترضاعهم أولادهم إياهم ، وقول الله تعالى ذكره : "
نخشى أن تصيبنا دائرة " ، قال يقول : نخشى أن تكون الدائرة
لليهود .
12169 - حدثني
المثنى قال ، حدثنا
أبو حذيفة قال ، حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، مثله .
12170 - حدثنا
بشر بن معاذ قال ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال ، حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
فترى الذين في قلوبهم مرض " إلى قوله : "نادمين " ، أناس من المنافقين كانوا يوادون
اليهود ويناصحونهم دون المؤمنين .
12171 - حدثني
محمد بن الحسين قال ، حدثنا
أحمد بن مفضل قال ،
[ ص: 404 ] حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : "
فترى الذين في قلوبهم مرض " ، قال : شك "
يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، و"الدائرة " ، ظهور المشركين عليهم .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن ذلك من الله خبر عن ناس من المنافقين كانوا يوالون
اليهود والنصارى ويغشون المؤمنين ، ويقولون : نخشى أن تدور دوائر إما
لليهود والنصارى ، وإما لأهل الشرك من عبدة الأوثان ، أو غيرهم على أهل الإسلام ، أو تنزل بهؤلاء المنافقين نازلة ، فيكون بنا إليهم حاجة .
وقد يجوز أن يكون ذلك كان من قول
عبد الله بن أبي ، ويجوز أن يكون كان من قول غيره ، غير أنه لا شك أنه من قول المنافقين .
فتأويل الكلام إذا : فترى يا
محمد ، الذين في قلوبهم شك ، ومرض إيمان بنبوتك وتصديق ما جئتهم به من عند ربك "يسارعون فيهم " ، يعني في
اليهود والنصارى ويعني بمسارعتهم فيهم : مسارعتهم في موالاتهم ومصانعتهم "
يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة " ، يقول هؤلاء المنافقون : إنما نسارع في موالاة هؤلاء
اليهود والنصارى ، خوفا من دائرة تدور علينا من عدونا .
ويعني ب"الدائرة " ، الدولة ، كما قال الراجز :
ترد عنك القدر المقدورا ودائرات الدهر أن تدورا
[ ص: 405 ] يعني : أن تدول للدهر دولة ، فنحتاج إلى نصرتهم إيانا ، فنحن نواليهم لذلك . فقال الله تعالى ذكره لهم : "
فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " .