القول في
تأويل قوله تعالى : ( وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ( 58 ) )
يقول تعالى ذكره لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : وربك الساتر يا محمد على ذنوب عباده بعفوه عنهم إذا تابوا منها (
ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا ) هؤلاء المعرضين عن آياته إذا ذكروا بها بما كسبوا من الذنوب والآثام ، (
لعجل لهم العذاب ) ولكنه لرحمته بخلقه غير فاعل ذلك بهم إلى ميقاتهم وآجالهم ، (
بل لهم موعد ) يقول : لكن لهم موعد ، وذلك ميقات محل عذابهم ، وهو يوم
بدر (
لن يجدوا من دونه موئلا ) يقول تعالى ذكره : لن يجد هؤلاء المشركون ، وإن لم يعجل لهم العذاب في الدنيا من دون الموعد الذي جعلته ميقاتا لعذابهم ، ملجأ يلجئون إليه ، ومنجى ينجون معه ، يعني أنهم لا يجدون معقلا يعتقلون به من عذاب الله ، يقال منه : وألت من كذا إلى كذا ، أئل وءولا مثل وعولا ومنه قول الشاعر :
لا واءلت نفسك خليتها للعامريين ولم تكلم
يقول : لا نجت ، وقول
الأعشى :
وقد أخالس رب البيت غفلته وقد يحاذر مني ثم ما يئل
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
[ ص: 53 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى "ح" ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : ( موئلا ) قال : محرزا .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
حدثني
علي ، قال : ثنا
عبد الله ، قال : ثني
معاوية ، عن
علي ، عن
ابن عباس ، قوله : (
لن يجدوا من دونه موئلا ) : يقول : ملجأ .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة (
لن يجدوا من دونه موئلا ) : أي لن يجدوا من دونه وليا ولا ملجأ .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد في قوله : (
لن يجدوا من دونه موئلا ) قال : ليس من دونه ملجأ يلجئون إليه .