القول في تأويل قوله تعالى : (
قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ( 16 )
قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ( 17 ) )
يقول تعالى ذكره مخبرا عن
ندم موسى على ما كان من قتله النفس التي قتلها ، وتوبته إليه منه ومسألته غفرانه من ذلك (
رب إني ظلمت نفسي ) بقتل النفس التي لم تأمرني بقتلها ، فاعف عن ذنبي ذلك ، واستره علي ، ولا تؤاخذني به فتعاقبني عليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، في قوله : (
رب إني ظلمت نفسي ) قال : بقتلي من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر ، ولم يؤمر .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قال : عرف المخرج ، فقال : (
ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له ) .
وقوله : ( فغفر له ) يقول تعالى ذكره : فعفا الله لموسى عن ذنبه ولم يعاقبه به ، (
إنه هو الغفور الرحيم ) يقول : إن الله هو الساتر على المنيبين إليه من ذنوبهم على ذنوبهم ، المتفضل عليهم بالعفو عنها ، الرحيم للناس أن يعاقبهم على ذنوبهم بعدما تابوا منها . وقوله : (
قال رب بما أنعمت علي ) يقول تعالى ذكره : قال
موسى رب بإنعامك علي بعفوك
[ ص: 542 ] عن قتل هذه النفس (
فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) يعني المشركين ، كأنه أقسم بذلك .
وقد ذكر أن ذلك في قراءة
عبد الله : " فلا تجعلني ظهيرا للمجرمين " كأنه على هذه القراءة دعا ربه ، فقال : اللهم لن أكون ظهيرا ولم يستثن عليه السلام حين قال (
فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) فابتلي .
وكان
قتادة يقول في ذلك ما حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة : (
فلن أكون ظهيرا للمجرمين ) يقول : فلن أعين بعدها ظالما على فجره ، قال : وقلما قالها رجل إلا ابتلي ، قال : فابتلي كما تسمعون .