القول في تأويل قوله تعالى : (
وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين ( 25 ) )
يعني - تعالى ذكره - بقوله : (
وقيضنا لهم قرناء ) وبعثنا لهم نظراء من الشياطين ، فجعلناهم لهم قرناء قرناهم بهم يزينون لهم قبائح أعمالهم ، فزينوا لهم ذلك .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
وقيضنا لهم قرناء ) قال : الشيطان .
حدثني
محمد بن عمرو قال : ثنا
أبو عاصم قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث قال : ثنا
الحسن قال : ثنا
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قوله : (
وقيضنا لهم قرناء ) قال : شياطين .
وقوله : (
فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم ) يقول : فزين لهؤلاء الكفار قرناؤهم من الشياطين ما بين أيديهم من أمر الدنيا . فحسنوا ذلك لهم وحببوه
[ ص: 459 ] إليهم حتى آثروه على أمر الآخرة (
وما خلفهم ) يقول : وحسنوا لهم أيضا ما بعد مماتهم بأن دعوهم إلى التكذيب بالمعاد ، وأن من هلك منهم ، فلن يبعث ، وأن لا ثواب ولا عقاب حتى صدقوهم على ذلك ، وسهل عليهم فعل كل ما يشتهونه ، وركوب كل ما يلتذونه من الفواحش باستحسانهم ذلك لأنفسهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
فزينوا لهم ما بين أيديهم ) من أمر الدنيا (
وما خلفهم ) من أمر الآخرة .
وقوله : (
وحق عليهم القول ) يقول - تعالى ذكره - : ووجب لهم العذاب بركوبهم ما ركبوا مما زين لهم قرناؤهم وهم من الشياطين .
كما حدثنا
محمد قال : ثنا
أحمد قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي (
وحق عليهم القول ) قال : العذاب . (
في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس ) ، يقول - تعالى ذكره - : وحق على هؤلاء الذين قيضنا لهم قرناء من الشياطين ، فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم العذاب في أمم قد مضت قبلهم من ضربائهم ، حق عليهم من عذابنا مثل الذي حق على هؤلاء بعضهم من الجن وبعضهم من الإنس .
(
إنهم كانوا خاسرين ) يقول : إن تلك الأمم الذين حق عليهم عذابنا من الجن والإنس ، كانوا مغبونين ببيعهم رضا الله ورحمته بسخطه وعذابه .