القول في تأويل قوله تعالى : (
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ( 21 ) )
وقوله : (
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) يقول - جل ثناؤه - : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل - وهو حجر - لرأيته يا
محمد خاشعا يقول : متذللا متصدعا من خشية الله على قساوته ، حذرا من أن لا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن ، وقد أنزل على
[ ص: 301 ] ابن آدم وهو بحقه مستخف ، وعنه عما فيه من العبر والذكر معرض ، كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقرا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس قوله : (
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) . . . إلى قوله : ( لعلهم يتفكرون ) قال : يقول : لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع من ثقله ، ومن خشية الله ، فأمر الله عز وجل الناس إذا أنزل عليهم القرآن ، أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع ، قال : (
وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) . . . الآية ، يعذر الله الجبل الأصم ، ولم يعذر شقي ابن آدم ، هل رأيتم أحدا قط تصدعت جوانحه من خشية الله (
وتلك الأمثال نضربها للناس ) يقول تعالى ذكره : وهذه الأشياء نشبهها للناس ، وذلك تعريفه جل ثناؤه إياهم أن الجبال أشد تعظيما لحقه منهم مع قساوتها وصلابتها .
وقوله : ( لعلهم يتفكرون ) يقول : يضرب الله لهم هذه الأمثال ليتفكروا فيها ، فينيبوا وينقادوا للحق .