القول في تأويل قوله تعالى ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 217 ) )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "
ومن يرتدد منكم عن دينه " ، من يرجع منكم عن دينه ، كما قال جل ثناؤه : (
فارتدا على آثارهما قصصا ) [ سورة الكهف : 64 ] يعني بقوله : " فارتدا " ، رجعا . ومن ذلك قيل : " استرد فلان حقه من فلان " ، إذا استرجعه منه .
وإنما أظهر التضعيف في قوله : " يرتدد " لأن لام الفعل ساكنة بالجزم ، وإذا
[ ص: 317 ] سكنت فالقياس ترك التضعيف ، وقد تضعف وتدغم وهي ساكنة ، بناء على التثنية والجمع .
وقوله : "
فيمت وهو كافر " ، يقول : من يرجع عن دينه دين الإسلام ، "
فيمت وهو كافر " ، فيمت قبل أن يتوب من كفره ، فهم الذين حبطت أعمالهم .
يعني بقوله : "
حبطت أعمالهم " ، بطلت وذهبت . وبطولها : ذهاب ثوابها ، وبطول الأجر عليها والجزاء في دار الدنيا والآخرة .
وقوله : "
وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " ، يعني : الذين ارتدوا عن دينهم فماتوا على كفرهم هم أهل النار المخلدون فيها .
وإنما جعلهم " أهلها " لأنهم لا يخرجون منها ، فهم سكانها المقيمون فيها ، كما يقال : " هؤلاء أهل محلة كذا " ، يعني : سكانها المقيمون فيها .
ويعني بقوله : "
هم فيها خالدون " ، هم فيها لابثون لبثا ، من غير أمد ولا نهاية .