القول في
تأويل قوله تعالى ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم ( 283 ) )
قال
أبو جعفر : وهذا خطاب من الله - عز وجل - للشهود الذين أمر المستدين ورب المال بإشهادهم ، فقال لهم : "
ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " - ولا تكتموا أيها الشهود بعدما شهدتم شهادتكم عند الحكام ، كما شهدتم على ما شهدتم عليه ، ولكن أجيبوا من شهدتم له إذا دعاكم لإقامة شهادتكم على خصمه على حقه عند الحاكم الذي يأخذ له بحقه .
ثم أخبر الشاهد - جل ثناؤه - ما عليه في كتمان شهادته ، وإبائه من أدائها والقيام بها عند حاجة المستشهد إلى قيامه بها عند حاكم أو ذي سلطان ، فقال : " ومن يكتمها " . يعني : ومن يكتم شهادته " فإنه آثم قلبه " يقول : فاجر قلبه ، مكتسب بكتمانه إياها معصية الله ، كما : -
6445 - حدثني
المثنى قال أخبرنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع في قوله : "
ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " فلا يحل لأحد أن يكتم شهادة هي عنده ، وإن كانت على نفسه والوالدين ، ومن يكتمها فقد ركب إثما عظيما .
6446 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي [ ص: 100 ] قوله : "
ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " يقول : فاجر قلبه .
6447 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو صالح قال حدثني
معاوية عن
علي عن
ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله ، لأن الله يقول : (
إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار ) [ سورة المائدة : 72 ] ،
وشهادة الزور ،
وكتمان الشهادة ، لأن الله - عز وجل - يقول : "
ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " .
وقد روي عن
ابن عباس أنه كان يقول : "
على الشاهد أن يشهد حيثما استشهد ، ويخبر بها حيث استخبر " .
6448 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
سويد قال أخبرنا
ابن المبارك عن
محمد بن مسلم قال أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار عن
ابن عباس قال : إذا كانت عندك شهادة فسألك عنها فأخبره بها ، ولا تقل : " أخبر بها عند الأمير " أخبره بها لعله يراجع أو يرعوي .
وأما
قوله : " والله بما تعملون عليم " فإنه يعني : " بما تعملون " في شهادتكم من إقامتها والقيام بها ، أو كتمانكم إياها عند حاجة من استشهدكم إليها ، وبغير ذلك من سرائر أعمالكم وعلانيتها " عليم " يحصيه عليكم ، ليجزيكم بذلك كله جزاءكم ، إما خيرا وإما شرا على قدر استحقاقكم .