(
كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا ( 33 )
وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ( 34 ) (
ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ( 35 )
وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ( 36 ) )
(
كلتا الجنتين آتت ) أي : أعطت كل واحدة من الجنتين ( أكلها ) ثمرها تاما (
ولم تظلم ) لم تنقص (
منه شيئا وفجرنا ) قرأ العامة بالتشديد وقرأ
يعقوب بتخفيف الجيم (
خلالهما نهرا ) يعني : شققنا وأخرجنا وسطهما نهرا . (
وكان له ) لصاحب البستان ( ثمر ) قرأ
عاصم وأبو جعفر ويعقوب ( ثمر ) بفتح الثاء والميم وكذلك : " بثمره " وقرأ
أبو عمرو : بضم الثاء ساكنة الميم وقرأ الآخرون بضمهما .
فمن قرأ بالفتح هو جمع ثمرة وهو ما تخرجه الشجرة من الثمار المأكولة .
ومن قرأ بالضم فهي الأموال الكثيرة المثمرة من كل صنف جمع ثمار . وقال
مجاهد : ذهب وفضة وقيل : جميع الثمرات .
قال
الأزهري : " الثمرة " تجمع على " ثمر " ويجمع " الثمر " على " ثمار " ثم تجمع " الثمار " على " ثمر " .
( فقال ) يعني صاحب البستان ( لصاحبه ) المؤمن ( وهو يحاوره ) يخاطبه ويجاوبه : (
أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ) أي : عشيرة ورهطا . وقال
قتادة : خدما وحشما . وقال
مقاتل : ولدا تصديقه قوله تعالى : "
إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا " ( الكهف - 39 ) . (
ودخل جنته ) يعني : الكافر أخذ بيد أخيه المسلم يطوف به فيها ويريه أثمارها (
وهو ظالم لنفسه ) بكفره (
قال ما أظن أن تبيد ) تهلك (
هذه أبدا ) قال أهل المعاني : راقه حسنها وغرته زهرتها فتوهم أنها لا تفنى أبدا وأنكر البعث . فقال (
وما أظن الساعة قائمة ) كائنة ( (
ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا ) قرأ
أهل الحجاز والشام هكذا على التثنية يعني من الجنتين وكذلك هو في مصاحفهم وقرأ الآخرون ( منها ) أي : من الجنة التي دخلها ( منقلبا ) أي : مرجعا .
[ ص: 172 ]
إن قيل : كيف قال : "
ولئن رددت إلى ربي " وهو منكر البعث؟
قيل : معناه ولئن رددت إلى ربي - على ما تزعم أنت - يعطيني هنالك خيرا منها فإنه لم يعطني هذه الجنة في الدنيا إلا ليعطيني في الآخرة أفضل منها .