[ ص: 209 ] (
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ( 99 )
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ( 100 )
الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا ( 101 )
أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا ( 102 ) )
قوله عز وجل (
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) قيل : هذا عند فتح السد ، يقول : تركنا
يأجوج ومأجوج يموج ، أي : يدخل بعضهم على بعض كموج الماء ، ويختلط بعضهم ببعض لكثرتهم .
وقيل : هذا عند قيام الساعة ، يدخل الخلق بعضهم في بعض ، ويختلط إنسيهم بجنيهم حيارى . ( ونفخ في الصور ) لأن
خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة (
فجمعناهم جمعا ) في صعيد واحد . ( وعرضنا ) أبرزنا (
جهنم يومئذ للكافرين عرضا ) حتى يشاهدوها عيانا . (
الذين كانت أعينهم في غطاء ) أي : غشاء ، و " الغطاء " : ما يغطى به الشيء ويستره ( عن ذكري ) يعني : عن الإيمان والقرآن ، وعن الهدى والبيان . وقيل : عن رؤية الدلائل .
(
وكانوا لا يستطيعون سمعا ) أي : سمع القبول والإيمان ، لغلبة الشقاوة عليهم .
وقيل : لا يعقلون . وقيل : كانوا لا يستطيعون أي : لا يقدرون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتلوه عليهم لشدة عداوتهم له ، كقول الرجل : لا أستطيع أن أسمع من فلان شيئا لعداوته . قوله عز وجل : ( أفحسب ) أفظن (
الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ) أربابا يريد بالعباد :
عيسى والملائكة ، كلا بل هم لهم أعداء ويتبرءون منهم .
قال
ابن عباس : يعني الشياطين أطاعوهم من دون الله . وقال
مقاتل : الأصنام سموا عبادا ، كما قال : "
إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم " ( الأعراف - 194 ) وجواب هذا الاستفهام محذوف .
قال
ابن عباس : يريد إني لأغضب لنفسي ، يقول : أفظن الذين كفروا أن يتخذوا غيري أولياء ، وأني لا أغضب لنفسي ولا أعاقبهم .
[ ص: 210 ]
وقيل : أفظنوا أنهم ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء .
(
إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا ) أي : منزلا . قال
ابن عباس : هي مثواهم . وقيل : النزل : ما يهيأ للضيف . يريد هي معدة لهم عندنا ، كالنزل للضيف .