[ ص: 227 ] (
وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ( 25 ) (
فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ( 26 ) )
(
وهزي إليك ) يعني قيل
لمريم : حركي (
بجذع النخلة ) تقول العرب : هزه وهز به ، كما يقول : حز رأسه وحز برأسه ، وأمدد الحبل وأمدد به ، (
تساقط عليك ) القراءة المعروفة بفتح التاء والقاف وتشديد السين ، أي : تتساقط ، فأدغمت إحدى التاءين في السين ، أي : تسقط عليك النخلة رطبا ، وخفف
حمزة السين وحذف التاء التي أدغمها غيره .
وقرأ
حفص بضم التاء وكسر القاف خفيفا على وزن تفاعل . وتساقط بمعنى أسقط ، والتأنيث لأجل النخلة .
وقرأ
يعقوب : " يساقط " بالياء مشددة ردة إلى الجذع .
(
رطبا جنيا ) مجنيا . وقيل : الجني هو الذي بلغ الغاية ، وجاء أوان اجتنائه . قال
الربيع بن خثيم : ما للنفساء عندي خير من الرطب ، ولا للمريض خير من العسل . قوله سبحانه وتعالى : (
فكلي واشربي ) أي : فكلي يا
مريم من الرطب ، واشربي من ماء النهر (
وقري عينا ) أي : طيبي نفسا . وقيل : قري عينك بولدك
عيسى . يقال : أقر الله عينك أي : صادف فؤادك ما يرضيك ، فتقر عينك من النظر إلى غيره . وقيل : أقر الله عينه : يعني أنامها ، يقال : قر يقر إذا سكن .
وقيل : إن العين إذا بكت من السرور فالدمع بارد ، وإذا بكت من الحزن فالدمع يكون حارا ، فمن هذا قيل : أقر الله عينه وأسخن الله عينه .
(
فإما ترين من البشر أحدا ) أي : تري ، فدخل عليه نون التأكيد فكسرت الياء لالتقاء الساكنين .
معناه : فإما ترين من البشر أحدا فيسألك عن ولدك (
فقولي إني نذرت للرحمن صوما ) أي : صمتا ، وكذلك كان يقرأ
ابن مسعود رضي الله عنه .
والصوم في اللغة الإمساك عن الطعام والشراب والكلام .
[ ص: 228 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان
في بني إسرائيل من أراد أن يجتهد صام عن الكلام ، كما يصوم عن الطعام ، فلا يتكلم حتى يمسي .
وقيل : إن الله تعالى أمرها أن تقول هذا إشارة .
وقيل : أمرها أن تقول هذا القدر نطقا ، ثم تمسك عن الكلام بعده .
(
فلن أكلم اليوم إنسيا ) يقال : كانت تكلم الملائكة ، ولا تكلم الإنس .