[ ص: 270 ] (
قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ( 21 )
واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى ( 22 )
لنريك من آياتنا الكبرى ( 23 )
اذهب إلى فرعون إنه طغى ( 24 )
قال رب اشرح لي صدري ( 25 ) )
(
قال خذها ) بيمينك ، (
ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى ) هيئتها الأولى ، أي : نردها عصا كما كانت ، وكان على
موسى مدرعة من صوف قد خلها بعيدان ، فلما قال الله تعالى : خذها ، لف طرف المدرعة على يده ، فأمره الله تعالى أن يكشف يده فكشف .
وذكر بعضهم : أنه لما لف كم المدرعة على يده قال له ملك : أرأيت لو أذن الله بما تحاذره أكانت المدرعة تغني عنك شيئا؟ قال : لا ولكني ضعيف ، ومن ضعف خلقت ، فكشف عن يده ثم وضعها في فم الحية فإذا هي عصا كما كانت ، ويده في شعبتها في الموضع الذي كان يضعها إذا توكأ .
قال المفسرون : أراد الله عز وجل أن يري
موسى ما أعطاه من الآية التي لا يقدر عليها مخلوق لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند
فرعون .
وقوله : (
سيرتها الأولى ) نصب بحذف " إلى " ، يريد : إلى سيرتها الأولى . قوله تعالى : (
واضمم يدك إلى جناحك ) أي : إبطك ، قال
مجاهد : تحت عضدك ، وجناح الإنسان عضده إلى أصل إبطه . (
تخرج بيضاء ) نيرة مشرقة ، (
من غير سوء ) من غير عيب والسوء هاهنا بمعنى البرص . قال
ابن عباس : كان ليده نور ساطع يضيء بالليل والنهار كضوء الشمس والقمر ، (
آية أخرى ) أي : دلالة أخرى على صدقك سوى العصا . (
لنريك من آياتنا الكبرى ) ولم يقل الكبر ؛ لرءوس الآي . وقيل : فيه إضمار ، معناه : لنريك من آياتنا الكبرى ، دليله قول
ابن عباس : كانت يد
موسى أكبر آياته . قال تعالى : (
اذهب إلى فرعون إنه طغى ) أي : جاوز الحد في العصيان والتمرد ، فادعه إلى عبادتي . ( قال )
موسى :
( رب اشرح لي صدري ) وسعه للحق ، قال
ابن عباس : يريد حتى لا أخاف غيرك ، وذلك أن
موسى كان يخاف
فرعون خوفا شديدا لشدة شوكته وكثرة جنوده ، وكان يضيق صدرا بما كلف من مقاومة
فرعون وحده ، فسأل الله أن يوسع قلبه للحق حتى يعلم أن أحدا لا يقدر على مضرته إلا بإذن الله ، وإذا علم ذلك لم يخف
فرعون وشدة شوكته وكثرة جنوده .