[ ص: 280 ] (
فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى ( 60 )
قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى ( 61 )
فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى ( 62 )
قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى ( 63 ) )
( فتولى فرعون فجمع كيده ) مكره وحيلته وسحرته ، (
ثم أتى ) الميعاد . (
قال لهم موسى ) يعني : للسحرة الذين جمعهم فرعون ، وكانوا اثنين وسبعين ساحرا ، مع كل واحد حبل وعصا .
وقيل : كانوا أربعمائة . وقال
كعب : كانوا اثني عشر ألفا . وقيل أكثر من ذلك .
(
ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب ) قرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وحفص : (
فيسحتكم ) بضم الياء وكسر الحاء ، وقرأ الباقون بفتح الياء والحاء وهما لغتان . قال
مقاتل والكلبي : فيهلككم . وقال
قتادة : فيستأصلكم ، (
وقد خاب من افترى فتنازعوا أمرهم بينهم ) أي : تناظروا
وتشاوروا ، يعني السحرة في أمر موسى سرا من فرعون .
قال
الكلبي : قالوا سرا : إن غلبنا
موسى اتبعناه .
وقال
محمد بن إسحاق : لما قال لهم
موسى : لا تفتروا على الله كذبا ، قال بعضهم لبعض : ما هذا بقول ساحر .
(
وأسروا النجوى ) أي : المناجاة ، يكون مصدرا واسما ، ثم ( قالوا ) وأسر بعضهم إلى بعض يتناجون : (
إن هذان لساحران ) يعني
موسى وهارون .
قرأ
ابن كثير وحفص : ( إن ) بتخفيف النون ، ( هذان ) أي : ما هذان إلا ساحران ، كقوله :
وإن نظنك لمن الكاذبين ( الشعراء : 186 ) ، أي : ما نظنك إلا من الكاذبين ، ويشدد
ابن كثير النون من " هذان " .
وقرأ
أبو عمرو " إن " بتشديد النون " هذين " بالياء على الأصل .
وقرأ الآخرون : " إن " بتشديد النون ، " هذان " بالألف ، واختلفوا فيه :
[ ص: 281 ]
فروى
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
عائشة : أنه خطئ من الكاتب .
وقال قوم : هذه لغة
الحارث بن كعب ،
وخثعم ،
وكنانة ، فإنهم يجعلون الاثنين في الرفع والنصب والخفض بالألف ، يقولون : أتاني الزيدان [ ورأيت الزيدان ] ومررت بالزيدان ، [ فلا يتركون ] ألف التثنية في شيء منها وكذلك يجعلون كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفا ، كما في التثنية ، يقولون : كسرت يداه وركبت علاه ، يعني يديه وعليه . وقال شاعرهم
تزود مني بين أذناه ضربة دعته إلى هابي التراب عقيم
يريد بين أذنيه .
وقال آخر
إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها
[ ص: 282 ]
وقيل : تقدير الآية : إنه هذان ، فحذف الهاء .
وذهب جماعة إلى أن حرف " إن " هاهنا ، بمعنى نعم ، أي : نعم هذان . روي أن أعرابيا سأل
ابن الزبير شيئا فحرمه ، فقال : لعن الله ناقة حملتني إليك ، فقال
ابن الزبير : إن وصاحبها ، أي : نعم .
وقال الشاعر
بكرت علي عواذلي يلحينني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه
أي : نعم .
(
يريدان أن يخرجاكم من أرضكم )
مصر (
بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى ) قال
ابن عباس : يعني بسراة قومكم وأشرافكم ، يقال : هؤلاء طريقة قومهم أي : أشرافهم و ( المثلى ) تأنيث " الأمثل " ، وهو الأفضل ، حديث
الشعبي عن
علي ، قال : يصرفان وجوه الناس إليهما .
قال
قتادة : طريقتهم المثلى يومئذ
بنو إسرائيل كانوا أكثر القوم عددا وأموالا ، فقال عدو الله : يريدان أن يذهبا بهم لأنفسهم .
وقيل : (
بطريقتكم المثلى ) أي بسنتكم ودينكم الذي أنتم عليه و ( المثلى ) نعت الطريقة ، تقول العرب : فلان على الطريقة المثلى ، يعني : على الهدى المستقيم .