[ ص: 283 ] (
فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى ( 64 )
قالوا ياموسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ( 65 )
قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ( 66 )
فأوجس في نفسه خيفة موسى ( 67 ) )
(
فأجمعوا كيدكم ) قرأ
أبو عمرو : " فاجمعوا " بوصل الألف وفتح الميم ، من الجمع ، أي لا تدعوا شيئا من كيدكم إلا جئتم به ، بدليل قوله : " فجمع كيده " ، وقرأ الآخرون بقطع الألف وكسر الميم . فقد قيل : معناه الجمع أيضا ، تقول العرب : أجمعت الشيء وجمعته بمعنى واحد .
والصحيح أن معناه العزم والإحكام ، أي : اعزموا كلكم على كيده مجتمعين له ، ولا تختلفوا فيختل أمركم .
(
ثم ائتوا صفا ) أي جميعا ، قاله
مقاتل والكلبي ، وقال قوم : أي : مصطفين مجتمعين ليكون أشد لهيبتكم ، وقال
أبو عبيدة : الصف المجمع ، ويسمى المصلى صفا . معناه : ثم ائتوا المكان الموعود .
(
وقد أفلح اليوم من استعلى ) أي : فاز من غلب . ( قالوا ) يعني السحرة ، (
ياموسى إما أن تلقي ) عصاك ، (
وإما أن نكون أول من ألقى ) عصاه . ( قال )
موسى : (
بل ألقوا ) أنتم أولا (
فإذا حبالهم ) وفيه إضمار ، أي فألقوا فإذا حبالهم ( وعصيهم ) جمع العصا ، (
يخيل إليه ) قرأ
ابن عامر ويعقوب " تخيل " بالتاء ردا إلى الحبال والعصي ، وقرأ الآخرون بالياء ردوه إلى الكيد والسحر ، (
من سحرهم أنها تسعى )
وفي القصة أنهم لما ألقوا الحبال والعصي أخذوا أعين الناس ، فرأى
موسى والقوم كأن الأرض امتلأت حيات ، وكانت قد أخذت ميلا من كل جانب ورأوا أنها تسعى . (
فأوجس في نفسه خيفة موسى ) أي : وجد ، وقيل : أضمر في نفسه خوفا ، واختلفوا في خوفه : قيل : خوف طبع البشرية ، وذلك أنه ظن أنها تقصده .
وقال
مقاتل : خاف على القوم أن يلتبس عليهم الأمر فيشكوا في أمره فلا يتبعوه .