[ ص: 312 ] (
وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ( 11 )
فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ( 12 )
لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون ( 13 )
قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين ( 14 )
فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ( 15 )
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ( 16 ) )
(
وكم قصمنا ) أهلكنا ، والقصم : الكسر ، (
من قرية كانت ظالمة ) أي : كافرة ، يعني أهلها ، (
وأنشأنا بعدها ) أي : أحدثنا بعد هلاك أهلها ، (
قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا ) أي [ رأوا ] عذابنا بحاسة البصر ، (
إذا هم منها يركضون ) أي يسرعون هاربين . (
لا تركضوا ) أي : قيل لهم لا تركضوا لا تهربوا ، (
وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ) أي نعمتم به ، (
ومساكنكم لعلكم تسألون ) قال
ابن عباس : عن قتل نبيكم . وقال
قتادة : من دنياكم شيئا ، نزلت هذه الآية في
أهل حصورا ، وهي قرية
باليمن وكان أهلها العرب ، فبعث الله إليهم نبيا يدعوهم إلى الله فكذبوه وقتلوه ، فسلط الله عليهم
بختنصر ، حتى قتلهم وسباهم فلما استمر فيهم القتل ندموا وهربوا وانهزموا ، فقالت الملائكة لهم استهزاء : لا تركضوا وارجعوا إلى مساكنكم وأموالكم لعلكم تسألون .
قال
قتادة : لعلكم تسألون شيئا من دنياكم ، فتعطون من شئتم وتمنعون من شئتم ، فإنكم أهل ثروة ونعمة ، يقولون ذلك استهزاء بهم ، فاتبعهم
بختنصر وأخذتهم السيوف ، ونادى مناد في جو السماء : يا ثارات الأنبياء ، فلما رأوا ذلك أقروا بالذنوب حين لم ينفعهم . (
قالوا ياويلنا إنا كنا ظالمين ) . (
فما زالت تلك دعواهم ) أي : تلك الكلمة وهي قولهم يا ويلنا ، دعاؤهم يدعون بها ويرددونها .
(
حتى جعلناهم حصيدا ) بالسيوف كما يحصد الزرع ، ( خامدين ) ميتين . قوله عز وجل : (
وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ) أي عبثا وباطلا .