(
أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ( 46 ) (
ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ( 47 ) )
(
أفلم يسيروا في الأرض ) يعني : كفار
مكة ، فينظروا إلى مصارع المكذبين من الأمم الخالية ، (
فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها ) يعني : ما يذكر لهم من أخبار القرون الماضية فيعتبرون بها ، ( فإنها ) الهاء عماد ، (
لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ذكر " التي في الصدور " تأكيدا كقوله : (
يطير بجناحيه ) ( الأنعام : 38 ) معناه أن العمى الضار هو عمى القلب ، فأما عمى البصر فليس بضار في أمر الدين ، قال
قتادة : البصر الظاهر : بلغة ومتعة ، وبصر القلب : هو البصر النافع . (
ويستعجلونك بالعذاب ) نزلت في
النضر بن الحارث حيث قال : إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء (
ولن يخلف الله وعده ) فأنجز ذلك يوم بدر . (
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) قرأ
ابن كثير وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " يعدون " بالياء هاهنا لقوله : (
ويستعجلونك ) وقرأ الباقون : بالتاء لأنه أعم ، لأنه خطاب للمستعجلين والمؤمنين ، واتفقوا في تنزيل " السجدة " أنه بالتاء .
قال
ابن عباس : يعني يوما من الأيام الستة التي خلق الله فيها السموات والأرض .
وقال
مجاهد وعكرمة : يوما من أيام الآخرة ، والدليل عليه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري [ ص: 392 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=815150 " أبشروا يا معشر صعاليك المهاجرين بالنور التام يوم القيامة ، تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم ، وذلك مقدار خمسمائة سنة " .
قال
ابن زيد : "
وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " هذه أيام الآخرة . وقوله : " كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون " يوم القيامة . والمعنى على هذا : أنهم يستعجلون بالعذاب ، وإن يوما من أيام عذابهم في الآخرة ألف سنة .
وقيل : معناه وإن يوما من أيام العذاب الذي استعجلوه في الثقل والاستطالة والشدة كألف سنة مما تعدون ، فكيف تستعجلونه؟ هذا كما يقال : أيام الهموم طوال ، وأيام السرور قصار .
وقيل : معناه إن يوما عنده وألف سنة في الإمهال سواء ، لأنه قادر متى شاء أخذهم لا يفوته شيء بالتأخير ، فيستوي في قدرته وقوع ما يستعجلون به من العذاب وتأخره ، وهذا معنى قول
ابن عباس في رواية
عطاء .